رفع الحصار قرار من؟

TT

للتذكير، هذه ليست المحاولة الأولى لرفع الحصار الإسرائيلي عن غزة. فقد سبق أن اقتُرح على حماس أن تقبل بوضع المعابر تحت إشراف السلطة الفلسطينية مقابل فتحها، لكن حماس رفضت. سبق أن جاء عشرات الوسطاء لإقناع حماس بفتح المعبر مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي شاليط، مع تحرير بعض مئات من الأسرى الفلسطينيين، أيضا حماس رفضت. بسبب شاليط قتلت إسرائيل مئات الأبرياء وإلى اليوم تحاصر مليونا ونصف المليون من البشر أيضا. بكل أسف حماس رفضت إطلاق سراحه رغم أن حزب الله في لبنان سبقها ووافق وأطلق سراح وسلم رفات جنود إسرائيليين. أيضا، سبق أن اقترحت مصر حلولا وفاوضت عشرات المرات لفتح معبر رفح بحيث يتم من خلاله السماح بمرور كل البضائع ما عدا الأموال السياسية والأسلحة، لكن حماس رفضت. في نفس الوقت كانت إسرائيل تزيد الشروط تعقيدا، وتزيد قائمة الممنوعات، فصُنف الإسمنت والسماد والحديد ضمن المواد العسكرية الممنوعة حتى يستمر الحصار وتمنع حتى مرور الوقود لمحطة الكهرباء الوحيدة مع أنه يشترى من أسواقها مباشرة.

مر على حصار غزة ثلاثة أعوام، واليوم أهلها يأكلون ربع ما كانوا يحصلون عليه من أغذية قبل ذلك، وفق تقرير المنظمات الدولية، ومعظمه يأتي من منظمة الأونروا الدولية التي تطعم يوميا 750 ألف لاجئ هناك. حصار غزة هو أسهل عمل عدواني قامت به إسرائيل منذ احتلال القطاع في عام 67، حيث كانت في السابق ترسل جنودها لقمع الانتفاضات والدخول في معارك شبه يومية مع الفلسطينيين. لكنها منذ أن انسحبت وهي تحكم غزة بإقفال من حديد دون كلفة بشرية أو مادية.

وقد مورست الضغوط على إسرائيل، واقتُرحت أفكار من أطراف فلسطينية وعربية وأجنبية لفتح بوابات غزة، وجميعها رُفضت، مرة من إسرائيل ومرة من حماس. قيادة حماس تعتقد أن الهدف من الشروط هو تهميش سلطتها، وهذا جزئيا صحيح، لكن لا توجد خيارات أخرى. وما قيمة سلطة على شعب جائع وهي عاجزة عن كسر الحصار ومتوقفة عن محاربة عدوها؟ الإسرائيليون بدورهم يعتقدون أن إغلاق الممرات والمطار والميناء يحقق ثلاثة أهداف، الأول إيصال الفلسطينيين إلى حالة اليأس والبحث عن مهرب، والثاني تثبيت الانشقاق بين القطاع والضفة، والأخير وهو الأهم تقزيم القضية الفلسطينية من إقامة دولة مستقلة إلى المطالبة بالسماح للدقيق والإسمنت.

ما نتمناه جميعا أن يرفع الحصار والأرجح أنه سيتطلب ثمنا على حماس أن تقبل به، مثل أن تقايض إسرائيل رفع الحصار بالجندي شاليط، أو تقبل بسلطة الحكومة الفلسطينية على المعابر مقابل فتحها، أو يتم تحكيم المصريين في فرز البضائع المسموحة من الممنوعة وفق القائمة الإسرائيلية.

وبخلاف ما يظنه البعض من أن إسرائيل محاصرة فهي ستستفيد من الشكاية الدولية وتضع شروطها التي سبق أن وضعتها لإنهاء الحصار. وستكون حماس هي المطالبة دوليا بتقديم التنازلات لرفع الحصار. ولم يعد ممكنا أن تقول حماس إنها لن ترضى بتفتيش بضائعها، مثلا من قبل لجنة دولية، ولن يسمح لها بإدخال السلاح، وسيصبح موقفها في غاية الحرج لو أصرت على الرفض.

[email protected]