على حد قولهم

TT

ربما كان فلاديمير لينين أول من استخدم تعبير «المزبلة» أو القمامة في الخطاب السياسي، عندما قال إن الرأسمالية سوف تنتهي حتما إلى مزبلة التاريخ. وعندما كرر الرئيس الإيراني أحمدي نجاد استعارة المصطلح ليضع فيه قرار مجلس الأمن، بدا أن لا جديد في الأمر. الجديد الذي كان يحسن أن ينتبه إليه، هو أن مواقف الدول الأربع الكبرى متشابهة، في حالة نادرة جدا.

لا نعرف من تفيد لغة التزبيل في السياسة الدولية أو المحلية. إنما يخامرني شك عميق في أنها تفيد قائلها أو أنها تضر المعني بالقول. فالشيوعية قد سبقت الرأسمالية إلى مزبلة التاريخ بزمن طويل. ولم يعد أحد يعرف أين وضعت كتب لينين وخطبه التي تزن آلاف الأطنان. وأعتقد أنه لولا عنف لينين والملايين من موتى ستالين، لكانت الشيوعية حية إلى الآن، بعيدا عن المزابل. إلا أن الذي حدث هو أن ستالين أرسل الملايين إلى المكان نفسه الذي كان القيصر يرسل إليه الآلاف.

قبل السيد نجاد استخدم حكام في العالم العربي هذه الطبقة الصوتية في مخاطبة الخصوم. الرئيس جمال عبد الناصر وصف مسؤولا عربيا بـ«الجحش» ثم أمضى بقية عمره يشير إليه بـ«الأخ». واختلف معمر القذافي في وصف المعارضين. الأول سماهم «الكلاب الضالة» والثاني سماهم «الكلاب الشاردة». أو العكس. لم أعد أذكر على وجه الضبط. وتقدم الجنرال ميشال عون في إطلاق النعوت على خصومه تقدما لا مثيل له: واوية، أي ثعالب جبانة، وسقايات، أي سحالي، وبناديق، أي لقطاء، وهناك ألقاب يحظر قانون المطبوعات نقلها، ولو كانت من أقوال الجنرال.

نحن اللغة الوحيدة التي تطلق على الشعر والنثر والخطابة والحكاية والحكمة والقول المأثور، تعريفا واحدا، هو «الآداب»، أو «الأدب العربي». ونحن الأدب الوحيد الذي أسقط من التراث كل ما هو خدش، أو خروج على اللياقة، ودفعنا به إلى «المطبوعات السرية»، لا يتداوله إلا الراغبون. نحن لغة المرادفات. عشرون مترادفة ليس بينها نابية واحدة. لماذا سمينا الكلمة الخادشة نابية؟ لأنها مثل الناب في الأسنان السوية. ناب يسمى.