لا تتوقع أن يكون أوباما سوبرمان

TT

لماذا لا يستطيع الرئيس باراك أوباما أن يوقف التسرب النفطي في خليج المكسيك؟ لماذا لا يستطيع إقناع الإسرائيليين والفلسطينيين بإيقاف النزاع وصنع السلام؟ ولماذا لا يستطيع إقناع الأوروبيين بالمشاركة بمزيد من القوات لمحاربة طالبان في أفغانستان؟ ولماذا لا يستطيع التوصل إلى معاهدة عالمية لخفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري؟

لماذا لا يستطيع، ولماذا لا يستطيع...، حسنا، لقد فهمتم المقصد. يتضح أن أوباما ليس سوبرمان. ففي الحقيقة (البائسة)، ليس هناك رئيس سوبرمان، بغض النظر عن مهاراته السياسية وبصرف النظر عن عدد الأفراد، في هذا البلد (أميركا) أو حول العالم، الذين يؤيدون نجاحه.

يحب الأميركيون قراءة السياسة والتاريخ كإحدى حكايات الرجل العظيم، إنهم مشاركون متحمسون في أسطورة هرقل حول كيف يعمل العالم. وعلى وجه الخصوص، يلعب أوباما على هذه الفكرة المغرية والخيالية. ففي انتخابه رئيسا للبلاد عام 2008، بدا الأميركيون يعتقدون أن مقولة «نعم.. نستطيع» ستتحول بين عشية وضحاها إلى مقولة «وهكذا فعلنا»، مع إحلال شخصية ساحرة - تبدي ذلك إلى حد كبير في صعوده السريع على نحو مدهش إلى القمة - محل شخصية أخرى مستهلكة، جورج دبليو بوش.

وسارع الحزبيون الليبراليون في تقديم أوجه التشابه بين أوباما وفرانكلين ديلانو روزفلت، وهو الرئيس الأكثر نجاحا وشعبية في القرن العشرين، مع إيمان غير مبرر في الحكومة النشطة. بيد أن روزفلت لم يكن ساحرا أيضا. لقد تطلب الأمر جعل الاقتصاد على قدم الاستعداد للحرب من أجل إنهاء الكساد الكبير، واستلزم الأمر الجيش الأحمر بقيادة ستالين لإعطاء الأمر بتوجيه ضربة قاتلة ومهلكة للنازيين، على الأراضي الجليدية في ستالينغراد.

أما بالنسبة إلى المحافظين الذين يميلون إلى التشكيك في أوباما، فيُمكن تذكيرهم بأن العالم لم يكن مرنا تماما أمام لمسات رونالد ريغان، النموذج الخاص بهم للزعيم البطولي. فجهود ريغان للوساطة للسلام في لبنان - التي كانت محتلة من قِبل مسلحين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي، إلى جانب مقاتلين آخرين - انتهت بكارثة، وقاد التفجير الانتحاري للثكنات العسكرية التابعة لقوات المارينز الأميركية في بيروت في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1983 في نهاية المطاف إلى انسحاب القوات الأميركية من البلاد (التي لا تزال منقسمة ومعرضة للعنف، بعد 27 عاما من حدوث ذلك).

لم يكن لدى الأميركيين هذا النوع من التوقعات المفرطة من رؤسائهم في القرن التاسع عشر، ولا حتى في إبراهام لينكولن، الذي جاء حظه البطولي عقب وفاته على أيدي شخص قام باغتياله. وعلى العكس، تعد أسطورة هرقل منتمية إلى عصر أكثر حداثة، ومرتبطة بصعود أميركا كقوة عظمى وحيدة على وجه الأرض. وهذا، بطريقة ما، من خيال الأطفال، وهذا الاعتقاد البريء في سادة الكون، تجلى بصورة مثالية في سؤال ماليا أوباما لوالدها بشأن التسرب النفطي: «هل قمتم بسد الثقب.. يا بابا؟». والإجابة القصيرة والبسيطة عن هذا السؤال هي أن بعض المشكلات تكون مستعصية حتى على أقوى الأشخاص: وحتى الوالد (أوباما) ليس لديه عصا سحرية. والإجابة الأطول والأكثر تعقيدا هي أن زعماء القوى العظمى، كما يقول أوتون فون بسمارك، لا يخلقون الاتجاهات العامة للتاريخ، إنهم يبذلون قصارى جهدهم «للقيادة والتوجيه بمهارة أو خبرة تقريبية».

ليس من السهولة إدارة هؤلاء الذين قد يسعون إلى إلحاق الضرر بنا كما نتخيل؛ وهكذا الخيارات غير المرغوب فيها التي يواجهها أوباما بشأن إخماد البرنامج النووي الإيراني. بل وحتى أصدقاؤنا يعيقون في الغالب مطالبنا، كما اكتشف أوباما عندما طلب من الإسرائيليين تجميد المستوطنات، وكان عليه أن يبتلع مرارة الرفض الذي جاء في الرد.

ومن غير ريب، يجني أوباما ما زرعه في تكليف نفسه مهمة مستحيلة كمنقذ ومخلص للعالم. بيد أن الأميركيين هم مساعدوه الذين يستحقون اللوم. يريد عدد ليس بالكثير من الناس سماع ذلك، لكنه يفعل كل ما بوسعه، عند الأخذ في الاعتبار الظروف الصعبة التي يواجهها هو والدولة الأميركية. والشيء الذي يحتاجه بإلحاح من الشعب هو سمة تميز بين الراشدين والأطفال، ألا وهي الصبر. أو بعبارة أخرى: أميركا، توقفي عن التصرف كأطفال!

* مراسل لـ«ناشيونال جورنال» ومحرر في «أتلانتيك»،

* خدمة «واشنطن بوست»