كأنهم على سطح المريخ!

TT

بعد عشرين أو ثلاثين عاما سوف نهبط على سطح المريخ. وقد استعدت الهيئات الفضائية لذلك. ففي روسيا وأوروبا يقومون بإجراء تجارب على ذلك. ولأن الرحلة إلى المريخ سوف تستغرق 520 يوما - منها 250 ذهابا و240 إيابا - فقد أقاموا على الأرض نموذجا كاملا للمركبة التي سوف تهبط على المريخ ومساحتها مائة متر مربع. يعيش فيها - وفي عزلة تامة - ستة من رواد الفضاء ولا تربطهم بالأرض أية صلة.. وإذا حاولوا الاتصال فمرة واحدة. لكل منهم. وسوف يجعلون الإرسال والاستقبال كأنه من الكوكب الأحمر - أي يستغرق أربعين دقيقة.

وهيئة الفضاء الأوروبية (إيسا) مع هيئة الفضاء الروسية (روس كوزموس) قد زودتا الرواد بكل ما يصبون إليه. وروسيا تريد أن تعرف من هذه الرحلة أثر الضوء والظلام على الخلايا وتريد أن تعرف الآثار النفسية والعصبية على شاب منعزل تماما. وتريد أن تعرف كيف يحلون مشكلاتهم المفاجئة في المركبة وخارجها.

وكانت الوكالتان الأوروبية والروسية قد أعلنتا عن حاجتهما إلى متطوعين من أوروبا فجاءهما ستة آلاف اختارتا من بينهم 200 فقط.

وعلى الرواد أن يقسموا يومهم إلى ثلاث فترات: ثماني ساعات للنوم.. ثماني ساعات للعمل.. ثماني ساعات للراحة.

وهم الآن يتمرنون في المركبة ولا بد أنهم يعانون العزلة والملل.. وإذا لم يستطع أي واحد منهم احتمال هذه التجربة العنيفة فمن حقه أن يدق الباب: أريد أن أخرج. ويخرج فورا. فهو عمل تطوعي من أوله إلى آخره.. وليس المهم فيه الذهاب والعودة سالما تماما فقط، وإنما المهم هو خدمة الإنسانية التي ضاقت بها الأرض، وضاقت منها. ولا بد من توسيع المجال الحيوي للإنسان. ولا بد من تسريع ذلك قبل أن تحل كارثة الأرض - والفلكيون يتوقعون شيئا من مثل ذلك.. اليوم أو بعد خمسين سنة!