ضم الكويت للسعودية مع البقية!

TT

الموضوع ليس جديدا، بل موسمي، يظهر بزوايا مختلفة في إطار الوحدة العربية، أو الاتحاد الخليجي، أو غيرهما. وكل من جرب النقاش وغاص تحت سطح الجلد يعلم أن أي وحدة بين أي بلدين في العالم مسألة تصعق مثل الكهرباء، والتاريخ يشهد أنها تتحقق فقط من خلال العمل العسكري.

دول الخليج العربية المنضوية تحت خيمة مجلس التعاون هي ست فقط، وبعد مرور ثلاثين عاما عجزت عن الاتفاق على توحيد الريال والدينار والدرهم، رغم بساطة الخطوة وتماثل اقتصادياتها. ومع فشلها النقدي تبقى أفضل تجربة حتى الآن في المنطقة رغم عثراتها.

وعندما روع الدكتور عبد الله النفيسي دول الخليج مستشهدا بدراسة أميركية، قال إنها قالت سيبقى في الخليج بعد 15 عاما فقط دولتان، سلطنة عمان والسعودية. لم يناقش أحد الدراسة بل النتيجة، مع أن الدراسات ليست حقائق مطلقة. ثم إن الدراسات والتحليلات السياسية، مهما كان وزن كاتبها وقيمة المؤسسة التي تصدر عنها، تبقى دراسة يجب أن تخضع للنقاش بعقل مفتوح، ومن التجهيل تحويل السياسة إلى علوم رياضيات لا علم اجتماع. وفي الغرب عشرات المعاهد المحترمة، ومئات البحاثة الجادين في شؤون منطقتنا يتجادلون بينهم على النظريات والاستنتاجات، وبالتالي، فإن انتقاء دراسة بعينها وإغفال بقية الدراسات التي تستشرف منطقتنا بعيون مختلفة فيه تجهيل.

لقد صدرت عشرات الدراسات الاستشرافية التي قالت بنتائج مختلفة لمستقبل منطقة الخليج خلال العقود الخمسة الماضية، وكثير منها جانبه الصواب، من تفكيك وحروب وانقلابات. ويليام كوانت، سياسي وباحث أصدر كتابا كاملا تنبأ فيه بنهاية المملكة العربية السعودية في الثمانينات. وراند، مؤسسة بحثية كبرى، صاحبة دراسة 11 سبتمبر (أيلول) الشهيرة، قالت بما هو أعظم تجاه الخليج والسعودية ومصر. وهناك الكثير مثلها، مجرد قراءة واحدة ضمن قراءات متعددة، ومتناقضة أحيانا.

ثم أظن أنه من الخطأ ترويع دول الخليج بالقول: إما أن تندمج مع السعودية أو ستأكلها إيران. فهذه الدول ربما عوضا عن أن تفكر في مستقبلها برؤية منفتحة قد تتحول إلى العكس فتتبنى الفكر الدفاعي المنغلق. ويجب ألا تستهينوا بدول الخليج مهما بدت صغيرة، فهي من أقدم دول العالم رغم حداثة استقلالها وجدة مؤسساتها. عاشت قرونا أكثر اضطرابا وخطورة ونجت، في حين سقطت إمبراطوريات في منطقتنا. ثم إن التعدد ميزة وليس بالضرورة إشكالية، إذا كان متناغما، بل عمل إيجابي لصالح الجميع. فالبحرين، على سبيل المثال، أصغر دول المجموعة، عدا أن من يحكمها بيت أكثر عراقة من معظم أنظمة الدول العربية، فإنها أيضا كبلد مثلت منارة تنوير وتحديث لكل الخليجيين. وربما لو كانت ملحقة بالسعودية ما قامت بهذا الدور بسبب اختلاف طبيعة البلدين. ولنا أن نتخيل الإمارات لو كانت جزءا من سلطنة عمان ما استطاعت هي الأخرى الانفتاح والتطور السريع، أيضا بسبب اختلاف الأنظمة في الفلسفة والإدارة.

النفيسي محق في قرع الجرس، محذرا من المخاطر التي تهدد دول الخليج، لكن مواجهة مخاطر المستقبل يمكن استيعابها ليس من خلال قارب إنقاذ اسمه الوحدة أو الاندماج، بل يكفي التعاون الوثيق الذي يؤدي إلى ما هو أعظم من الوحدة. فالتعاون الخليجي قاصر اليوم في جوانب كثيرة منه، لأن السياسيين قاصرون في فهم مردوده الإيجابي على أنظمتهم وشعوبهم. ومن المؤكد أن دولا في المنطقة والعالم تترصد هذه الدول للتفرد بها، فهي تراها مثل محلات الذهب وتتحين الفرصة للسطو عليها، فنحن في حي مليء بالأشقياء وقطاع الطرق.

[email protected]