الطويلة ما أقدر أرقاها.. والقصيرة كلها شوك

TT

أود أن أسهم بمداخلة بسيطة على المقالة التي كتبها الأستاذ محمد صادق دياب في العاشر من أبريل (نيسان) 2010، بعنوان «الأمر بالمعروف» التي استهلها هو بمقولة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: «أن أخطئ بالعفو خير من أن أخطئ في العقوبة»، وهذه هي عين الحكمة والإنسانية كذلك.

والعقوبة أو العقاب لا تتم ولا تنفذ إلا من قبل ولي الأمر، وإلا أصبحت مقولة غوار الطوشي: «كل من أيده إله»، هي السائدة، وأصبح «عوير وصوير واللي ما فيه خير» هم الذين يضربون بأياد من حديد على المذنب والبريء معا، حسب المزاج أو الرؤية القاصرة، أو حتى الجهل الذي لا يسلم منه أي إنسان في بعض الأمور.

ولكي تعرفوا مدى تسامح الملك عبد العزيز وعدم قبوله بالشطط، فاقرأوا معي ما كتبه عنه سنة 1918 «جون فلبي» - عبد الله بعدما أسلم - فهو يقول: «ينظر ابن سعود إلى سياسة تسامح لتحقيق اعتناق كل رعاياه للمذهب الصحيح في الوقت المناسب، ولكنه لا يفعل، ولا يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك. وزيارة العتبات الشيعية المقدسة لا تشجع، لكن العائدين من الزيارة لا يتعرضون للتفتيش». ويمضي (فلبي) في فقرة أخرى قائلا: «في مناسبات قليلة اضطر إلى التدخل في حالات نزاع فعلي، والأمثلة التي استرعت نظري تبين أنه كان شجاعا في منع أي تدخل لا مبرر له في الشؤون الدينية من جانب المتعصبين. ففي إحدى المناسبات مثلا، كان جماعة من الرجال من عنيزة يدخنون حول نار معسكرهم، فصادف أن مر بهم خمسة من المحتسبين المتشددين، وأخذوا على عاتقهم تأديب المذنبين، فلم يكادوا يذهبون أكثر من مرحلة الشجب أو اللوم حتى نهض بعض رجال عنيزة وقتلوا لائميهم، ولما راجع أقرباؤهم ابن سعود مطالبين بثأرهم، أجابهم بإيجاز إن من واجبه هو أن يصلح رعاياه المخطئين، وليس من واجبهم هم».

والواقع أنني سمعت عن رئيس الهيئة الشيخ عبد العزيز الحمين كل ما يسر ويبعث على الأمل، ولا بد أن أقول الحق بأن الغالبية العظمى من رجال الهيئة هم ممن ف ت ح الله عليهم بحسن الظن والمعاملة الرحيمة الحسنة، ولكن ليسمحوا لي أن أورد نماذج أخرى سلبية في بعض أفراد الهيئة، صحيح أنها أمثال قليلة ولكنها مؤثرة وصادمة للرأي العام، فتجد أحدهم مثلا من أول «ما خط شاربه» وإذا به يقفز فجأة من الباب إلى المحراب، وغيره شابت لحيته والعقل ما جاه، وآخر يهجم على الناس من دون إحم ولا دستور، ولا إحسان، ولا حتى حلاوة لسان، وقد يمد عصاه ويضرب ضربة الأعمى، إما شلخت رأسك وإلا أخطأتك.

كل هذا ما يصير، ما يصير، والله ما يصير يا جماعة.

على أية حال ليس لي لا في العير ولا النفير، وما كلامي هذا إلا نوع من «فض الاشتباك»، فما أنا إلا إنسان على قد حالي أقول يا الله السلامة، الطويلة ما أقدر أرقاها، والقصيرة كلها شوك.

[email protected]