ضرورة التزام أوباما بالانسحاب من أفغانستان في موعده

TT

عندما أمر الرئيس أوباما بتصعيد الحرب في أفغانستان، تعهد بإعادة القوات إلى الأراضي الأميركية في صيف 2011. ويجب أن تزيده التقارير المثبطة القادمة من منطقة الحرب تصميما في الحفاظ على وعده، والأميركيون أكثر إصرارا على دعمه في التمسك به.

وفي شهادته في الـ«كابيتول هيل» الأسبوع الماضي، سعى الجنرال ديفيد بترايوس (الأب الروحي لاستراتيجية أوباما برفع أعداد القوات 30 ألف جندي إضافي) بقوة إلى محاولة تمديد هذا الجدول الزمني. وقال بترايوس أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ: «يجب أن نكون حذرين بشأن التوقيت الزمني، فتحديد يوليو (تموز) كموعد نهائي لبدء سحب القوات من أفغانستان يجب أن يعتمد على افتراض بأن الأوضاع مشجعة».

ووفقا لما قاله الجنرال بترايوس، ستكون الصورة الأخرى لوصف الموعد النهائي لسحب القوات من أفغانستان، التي لا تعتمد في الأساس على روزنامة، بل على مجموعة من الأوضاع غير المستقرة التي يصعب تحقيقها، التزاما مطلقا، وهو ما قال أوباما إنه لن يمنحه للحكومة الواهنة الفاسدة غير الجديرة بالثقة إلى حد بعيد.

كان هناك سببان أساسيان دفعا الرئيس لوضع جدول زمني؛ الأول يتمثل في استرضاء الرأي العام الأميركي المتشكك، الذي بدأ في ربط الحرب في أفغانستان بأفكار شبيهة بمستنقع فيتنام. أما السبب الآخر فإلقاء المزيد من الضغوط على الرئيس الأفغاني حميد كرزاي لصياغة وتحديث البرنامج الحكومي، وهو ما لم يقم به. فكرزاي، الذي يبدو أنه لم يفهم الرسالة بشأن ما ينبغي على الدمية الأميركية القيام به، يميل تارة إلى التعاون، وتارة أخرى إلى التحدي الفظ. والأمر الأكثر إثارة للانزعاج أن كرزاي يخرب بفاعلية جهود معركة الفوز بالقلوب والعقول في قندهار، معقل تمرد طالبان، عبر ترك السلطة المحلية في يد أخيه السفاح غير الشقيق أحمد والي كرزاي.

في واشنطن، تفسير الصقور من اليمين للأحداث هو أن الخط الزمني في حد ذاته هو المشكلة الآن، وهو بحسب ما قاله السيناتور جون ماكين من أن «اللاعبين الرئيسيين داخل وخارج أفغانستان، يرون أن الولايات المتحدة تريد الخروج من أفغانستان أكثر من رغبتها في النجاح في المهمة».

قد تبدو هذه حجة معقولة حتى تمعن النظر فيها، فكرزاي وطالبان وأمراء الحرب والشعب الأفغاني يعلمون بالفعل أن الولايات المتحدة والناتو سيغادران يوما ما، وأن السبيل الوحيد لدفعهما إلى التفكير في غير ذلك هو الإعلان عن عزمنا على البقاء إلى الأبد، ومن المؤكد أن تلك ليست هي المشكلة. فمن وجهة النظر الأفغانية ليس ثمة فارق كبير، سواء غادر المتطفلون خلال عام أو خمسة أعوام.

لكن ذلك قد يشكل فارقا، بطبيعة الحال، إذا كانت هناك حكومة أفغانية ذات كفاءة ونزاهة، وقادرة على استغلال مزيد من الوقت لبناء قدراتها والفوز بثقة الأفراد. بيد أن الجميع يعلم أن مثل هذه الحكومة غير قائمة.

يشكو ماكين من أن الفصائل المتنازعة في أفغانستان تقوم بالترتيبات الضرورية لأفغانستان ما بعد الحرب، لكن تلك النتيجة ليست هي النتيجة الحتمية، بل إنها ما نزعم أننا نطالب به.

وعاجلا أم آجلا ستكون هناك أفغانستان ما بعد الولايات المتحدة. وسيمارس أنصار طالبان القوة والنفوذ في البلاد، ولن ينتهي الفساد، ولن تتوقف زراعة الأفيون والماريجوانا، ولا نظام الولاءات القبلية التي لم يفلح الغزاة في القضاء عليه.

إن ذلك لا يعني أن أفغانستان أشبه بحالة ميؤوس منها. لكن الاعتقاد بأن تجربة بناء الدولة التي قادتها الولايات المتحدة - وما نحاول فعله، حتى إن أطلقنا عليه مكافحة التمرد - يمكن أن يفرض معيارا مؤسسيا جديدا في هذه الدولة خلال عام أو عامين، أو حتى 10 أعوام، هو مجرد خيال محض.

وسواء التزم الرئيس أوباما بالموعد النهائي المعلن أم لم يلتزم، فإن ذلك لا يعني الكثير بالنسبة للأفغان، كما هو الحال بالنسبة لنا. الخسائر الأميركية تزداد كما توقعنا، وقد ضاعف الرئيس أوباما عدد القوات ثلاثة أضعاف منذ توليه منصبه، ومعركة السيطرة على قندهار ستكون دامية. وحلفاؤنا الأوربيون يتلوون، ويشكون، ويبحثون عن مخرج، وبمرور الوقت ستصبح حربا أميركية خالصة.

السؤال هو: كم ستكلفنا الحرب تحديدا من أرواح أولئك الشباب والموارد النادرة؟ لقد فاز أوباما بتأييد الأمة لأنه قطع وعدا بأن يبدأ انسحاب القوات الأميركية العام القادم، ولذا يتوقع الأميركيون أن يلتزم بوعده، ويصر على التزامه بذلك.

* خدمة «واشنطن بوست»