مشاكل أوباما من الخليج إلى الخليج

TT

لا أدري إن كان باراك أوباما أسوأ الرؤساء الأميركيين حظا، أم أنها طبيعة الوظيفة الرئاسية، حيث تتقاطع المصالح الضخمة في الداخل، وتتعارك القوى حوله في أنحاء العالم. الرجل غارق اليوم في لجة من المشاكل تهدد حكمه وهو لم يكمل بعد نصف الأربع سنوات الرئاسية. فقد ورث، فور تسلمه الرئاسة، أخطر أزمة مالية في تاريخ الولايات المتحدة، وورث ثلاث حروب كبيرة في العالم، العراق وأفغانستان و«القاعدة»، وتزامن عهده مع اقتراب ساعة الصفر النووية في إيران، التي تلزمه، أكثر مما ألزمت من سبقه من الرؤساء الأميركيين، باتخاذ قرار مصيري بمواجهة طهران أو مهادنتها. وهذا أخطر قرار سيتخذه منذ عهد الرئيس الراحل جون كينيدي في أزمة الصواريخ الكوبية قبل نحو نصف قرن تقريبا.

الرئيس غارق حتى أذنيه من مياه الخليج العربي إلى مياه خليج المكسيك، حيث أكبر تلوث بيئي في تاريخ الولايات المتحدة. صارت ماسورة النفط المكسورة أخطر على أوباما من المفاعلات النووية الإيرانية. فهذه الماسورة، التي استهان بأمرها الجميع في البداية، تهدده بخسارة الانتخابات النصفية الوشيكة، حيث أشارت الاستفتاءات إلى أنها أفقدته معظم مؤيديه، وأشعلت الانتقادات ضده. وهو بدوره نقل المعركة ضد شركة «بي بي» البريطانية.

وحظه ليس بأفضل من حظ سلفه جورج بوش، فأحد أكبر جنرالاته المزين صدره بالنياشين، ماك كريستال، فتح النار عليه في خروج غير مألوف من عسكري، أول واجباته أن يطيع الأوامر لا أن يهاجمها. ماك كريستال في مقابلة صحافية نقل المعركة من أفغانستان إلى واشنطن، انتقد استراتيجية الحرب التي وضعها أوباما ووصفها بأنها سبب الإخفاقات، لتذكر بالمصاعب التي كان يواجهها بوش في العراق من قبل.

أما في الشرق الأوسط، حيث لا يدوم الحب طويلا، فقد خسر أوباما الكثيرين بعجزه عن دفع مشروع السلام بسبب بيبي نتنياهو الذي نثر المسامير في طريق موفده للمفاوضات. ثم خرج عليه أردوغان، رئيس وزراء تركيا، ليخلط الأوراق.

ولا ندري إن كانت انشغالات أوباما الداخلية أم أسلوبه المفرط في النعومة مع دول المنطقة، هو سبب إخفاقاته في منطقتنا، لكن الناس عادة لا تبالي بالأسباب بل تنظر إلى النتائج، وهي لا تبشر كثيرا. خصومه كثر من ماك كريستال الأميركي، إلى «بي بي» البريطانية، وبيبي الإسرائيلي، وأردوغان التركي، ونجاد الإيراني.

وبسبب غرق أوباما في البقعة النفطية، وتورطه في كهوف أفغانستان، فإن القليلين يشكرونه على الانتصار المهم ضد النظام الإيراني. فهو نجح في حشد التأييد العالمي ضد إيران وتمرير العقوبات في مجلس الأمن، فسجل بذلك هدفا رائعا في مباراة طويلة مع النوويين الإيرانيين.

ومع أن انتباهنا محصور فقط في القضايا الخارجية، فإن الرئيس لا يستطيع أن يتقدم كثيرا في أي شأن خارجي إذا خسر شعبيته في الداخل. فالانتخابات النصفية الوشيكة للكونغرس ستحدد مصير الرئيس، فإن خسر رفاقه في الحزب الديمقراطي فهذا سيعني عمليا أنه لن يستطيع أن يفعل الكثير في السنتين اللاحقتين. ربما لا يكون هناك مشروع دولة فلسطينية، ولن يكون هناك سلام، وقد يسقط العراق في يد الإيرانيين، وستزيد المنظمات الإرهابية والجماعات المتطرفة وتيرة العنف في منطقتنا. سيشعرون أن ساكن البيت الأبيض بات عاجزا عن التقدم في أي اتجاه، لكن إن كسب حزبه الانتخابات النيابية المقبلة فهذا سيمنحه فرصة أخرى لإدارة العالم كما يريد.

[email protected]