ضابط صف أميركي يقر بوجود خلل في استراتيجية أفغانستان

TT

يصل إلى أعضاء الكونغرس سيل من الرسائل البريدية المملة، ولكن من حين لآخر تجذب إحدى هذه الرسائل الانتباه، وكمثال على ذلك جاءت رسالة عبر البريد الإلكتروني أرسلها ضابط صف يخدم في أفغانستان. أوضح الرجل السبب الذي يجعل قواعد الاشتباك بالنسبة إلى القوات الأميركية «مكلفة للغاية لقوات التحالف بصورة تعوقها عن تحقيق نجاحات تكتيكية مستدامة».

بعد إطلاق قذائف هاون على وحدته أثناء قيامها بمهمة ليلية، طلبت الوحدة إطلاق قنبلة ضوئية هاوتزر (155 ملم) للكشف عن مكان العدو. ولكن رُفض ذلك «على أساس أنه قد يؤدي إلى وقوع أضرار جانبية». ويقول ضابط الصف إن الشيء الوحيد الذي ينتج من القنبلة الضوئية هو الشظايا، واحتمالية أن تصيب إنسانا أو شيئا تشبه احتمالية الإصابة بضوء البرق. وأثناء العودة من مهمة، وقعت إصابات بين أفراد وحدته بسبب قنبلة مزروعة على جانب الطريق عرفت الوحدة أنها وضعت قبل ساعة على الأكثر. «وكان هناك سكان محليون يسخرون من الإصابات التي وقعت بين الأميركيين»، و«شوهد فردان يثيران الشكوك يتركان المكان ويدخلان في أحد المنازل».

ولم يعد مسموحا للقوات الأميركية «أن تقوم بتفتيش المنازل من دون حضور أفراد من القوات الأمنية الوطنية الأفغانية». وعندما طلبت وحدته من الشرطة الأفغانية تفتيش المنزل، رفضت الشرطة ذلك على أساس أن الأشخاص الموجودين داخل المنزل «طيبون».

وخلال مهمة أخرى، رحل بعض البالغين الأفغان مع أطفالهم قُبيل تعرض وحدة ضابط الصف لإطلاق نيران مكثف من أسلحة صغيرة وقذائف «آر بي جي» قبل أن تطلب الوحدة إطلاق قذائف مدفعية على موقع العدو. وكان الرد عبارة عن سؤال: أين يقع أقرب مبنى مدني؟ ويكتب ضابط الصف «قد يكون تقييم المسافات صعبا عندما يتطاير الرصاص وقذائف (آر بي جي) فوق رأسك». وعندما رُفض الدعم من خلال قذائف مدفعية بسبب الخوف من وقوع أضرار جانبية. طلبت الوحدة «قنبلة دخان» - وهي مثل قنابل الضوء ولكن تسقط الشظايا على الأرض - «لإخفاء تحركاتنا حيث خططنا لتطويق العدو وتحطيمه». وسُمح بذلك، ولكن بسبب الخوف من وقوع أضرار جانبية أطلقت القنبلة بعيدة عن الموقع المطلوب بمقدار كيلومتر عمدا، ولذلك لم يصبح «للدخان فائدة وتركت مهمة حماية أنفسنا بأنفسنا».

وتقول تعاليم مكافحة التمرد إن النجاح يعتمد على كسب «أفئدة وعقول» السكان المحليين، ولذا فإن قواعد الاشتباك تقلل من المخاطر أمام السكان المحللين، ولكنها تزيد من المخاطر أمام الجنود الأميركيين. ويقول سي جي تشيفرز مراسل «نيويورك تايمز» في مارجا بأفغانستان، إن «الكثير من الاشتباكات في هذه الأيام تكون باستخدام البنادق والرشاشات»، وهو ما «جعل وقت الاشتباك أطول بصورة ملحوظة وزادت المخاطر أمام القوات. وأكد ذلك اعتقاد بأن مارجا غارقة في الدماء، ورغم ذلك تقاتل القوات بدعم نيران أقل من الذي كان متاحا في المناطق المتنازع عليها بدرجة كبيرة».

وتجب مقارنة قيمة أي عمل لمكافحة التمرد في مقابل المخاطر المتضمنة في الأساليب المطلوبة. وتتضمن المهمة الأميركية داخل أفغانستان السعي إلى توسيع نفوذ حكومة فاسدة أفرزتها انتخابات فاسدة، على الكثير من المواطنين الذين يخافونها.

وقد أعطى ذلك دفعة لاستراتيجية غير واقعية. وأوردت «وول ستريت جورنال» تقريرا عن محاولات أميركية «لإقناع (الرئيس حميد) كرزاي بالعمل كرئيس بدرجة أكبر عن طريق إعطاء المزيد من المسؤولية عن العمليات داخل بلاده». لنفكر في ذلك. وتشير آن مارلو، وهي زميلة زائرة من معهد هودسون اصطحبت القوات الأميركية داخل أفغانستان ست مرات، إلى تحقق نجاحات على المستويات المحلية والإقليمية «ولكن لم يستمر ذلك حتى لمدة عام». وكان التزوير في الانتخابات خلال أغسطس (آب) الماضي، الذي ضمن لكرزاي ولاية أخرى من خمسة أعوام، عرضا لمرض: «أصبحت حكومته أكثر فسادا وضعفا خلال الأعوام الثلاثة أو الأربعة الماضية على نحو فاضح». وفي الشهر الماضي أوردت مارلو: «تظهر خريطة البنتاغون لأهم 80 منطقة داخل أفغانستان 5 فقط «متعاطفة» مع الحكومة الأفغانية، وغياب الدعم داخل أي منطقة». وتشير مارلو إلى أن كرزاي ربما يعتقد أن عزم الرئيس أوباما المعلن المرتبط ببدء انسحاب القوات الأميركية الصيف المقبل «خدعة». وهؤلاء الأميركيون الذين يقولون إن أفغانستان اختبار لنفوذ أميركا الباقي يقولون إنه يجب البقاء هناك لأننا هناك. ويعد ذلك عملا تدريجيا، ولكنه يتعامل مع المثابرة على أنها فضيلة بغض النظر عن السياق أو التبعات ويجعل العبثية سببا للمثابرة.

يعتمد أوباما على التمهيد لمحاولة إعادة انتخابه في 2011 على 3 تطورات خلال 2010: أن يصبح تشريع الرعاية الصحية شعبيا بعد إصداره، والتسريع من عملية خلق الوظائف، وتحسن الأوضاع داخل أفغانستان بصورة كبيرة. ولن يحدث أول شيئيين. ويمكنه التأثير على الثالث بصورة حاسمة، عن طريق البقاء ملتزما بجدوله الزمني لفك ارتباط القوات الأميركية بهذه المهمة المشؤومة.

* خدمة «واشنطن بوست»