تطبيق العقوبات

TT

هناك قاض بدأ يطبق بعض العقوبات «الإيجابية» على الشباب المخالفين للأنظمة أو المعتدين على الغير، فبدلا من سجنهم أو جلدهم يحكم على الواحد منهم مثلا أن يكنس أو ينظف المساجد، أو يعتني ويسقي أشجار الشوارع لعدة أيام، وهكذا دواليك.

وراقني أحد أحكامه وأفزعني آخر، أما الذي راقني فهو حكمه على أحد التلاميذ الشباب عندما توجه إلى مدرسته التي يكرهها في الساعة الثانية صباحا وحطم الباب الخارجي وكسر مصابيح الإنارة، وقبضوا عليه.

وفي يوم المحاكمة حضر مع والده، فحكم القاضي على الأب بتعويض كل الخسائر، وحكم على الابن بالطواف كل ليلة على المدرسة في الساعة الثانية صباحا لمدة شهر كامل، وقبل أن ينهي حكمه التفت إلى الأب قائلا: كما أنني حكمت عليك أنت أيضا لتطوف مع ابنك حول المدرسة بنفس الموعد كل يوم.

وقبل أن ترفع الجلسة، خاطب الحضور قائلا: إن الآباء عندما يعرفون أين يكون أبناؤهم في كل وقت فإن نصف المشكلة تكون قد حلت.

أما الحكم الذي أفزعني فهو عندما حكم على أحد الشباب بحفر 20 قبرا بيده، لمجرد أنه كان (يفحط) بسيارته رافعا مسجل الأغاني بأعلى صوت، وقيل إنه كان أيضا «يترقّص».

غير أن هناك قاضيا آخر، أتاه رجل مع ابنه الصبي، مدعيا أن ابن جاره الذي يماثل ابنه في العمر قد تعارك معه وكسر سنّه.

فما كان من ذلك القاضي إلا أن يستدعي ذلك الصبي المدعى عليه مع والده، وعندما سأله: هل أنت كسرت فعلا سن جارك؟! فاعترف الصبي بذلك وهو يرتعد من شدة الخوف.

فما كان من ذلك القاضي الجهبذ إلا أن يضرب الجرس، ثم يطلب من الفراش أن يحضر «شاكوشا»، وما إن أحضر الفراش ذلك، حتى أمسك القاضي بالشاكوش قائلا للصبي افتح فمك، قال ذلك وهو يتلو الآية الكريمة: (السن بالسن) - إلى آخر الآية - فهو يريد أن يطبق الحكم الشرعي ويكسر فعلا سنا من أسنان ذلك الصبي الذي لا يتجاوز عمره 12 سنة، فامتثل المسكين للأمر وفتح فمه، وقبل أن يهوي القاضي عليه بالشاكوش إذا بوالد الصبي المجني عليه يقف مذهولا ويمسك بيد القاضي بسرعة، طالبا منه أن يتوقف عن فعل ذلك.

قائلا له: إنني لم أتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحد، وإنني خلاص مسامح، وأرجو أن تعفيه من تطبيق هذا الحد عليه.

حاول القاضي أن يثنيه عن ذلك لأنه لا يريد أن يظهر بمظهر المتخاذل، غير أن الأب صاح بابنه أن يقوم ويعانق ابن جاره، وهذا ما حصل فعلا، وخرج الصبيان مع والديهما وكل واحد منهما يضع يده على كتف الآخر، ولا أستبعد أنهما في عصر ذلك اليوم قد لعبا الكرة مع بعضهما البعض، ولسان حالهما يقول: صافي يا لبن.

[email protected]