الأكياس

TT

ينتقد رجا كمال، الأستاذ في جامعة شيكاغو، ثلاثة أشياء في قطر: شراء «هارودز»، استقدام الجامعات الأميركية الكبرى إلى الدوحة، مراد التلاميذ القطريين على جميع المستويات. ويطالب في المقابل بأن تستثمر قطر في العالم العربي، من أجل خفض مستويات البطالة فيه.

لو لم يذيل الأستاذ كمال مقاله بعنوانه في شيكاغو لخطر لنا أنه يكتب نصائحه من مكان أبعد من مدينة باراك أوباما. ولنا بعض الملاحظات. أولا، «هارودز» هو جوهرة التاج البريطاني بعد خسارة الهند. كان كذلك في ملكيته البريطانية. وظل كذلك يوم ملأه محمد الفايد بتماثيله مغطية رأسه بـ«حطة» فرعون. وسوف يبقى معلما جماليا من معالم لندن.

الاستثمارات الخارجية نوع من الضمانات المستقبلية التي بدأتها الكويت أيام كان الشيخ جابر الأحمد وزيرا للنفط. وعندما احتل صدام حسين الكويت، لم يبق لديها من ثروة سائلة سوى تلك الثروة. ولو كانت تلك الاستثمارات في العراق لكانت أممت وضمت إلى المحافظة التاسعة عشرة.

هذا لا يعني ألا تسهم الدول العربية الميسورة في مساعدة الدول المحتاجة، وفي إقامة المشاريع، وفي تشجيع الرساميل. لكن هذا يحتاج إلى تغيير القوانين وإلغاء جزء كبير من البيروقراطية والنكايا والسوس والخوات العلنية. أما استيراد فرع الجامعات الكبرى إلى الدوحة فأين الخطأ فيه؟ ربما أدى ذلك في النهاية إلى تحسن أداء الطلاب القطريين الذي يشكو منه الأستاذ كمال. وفي رأينا البالغ البساطة، أن الدول تدخل نادي الدول المعاصرة عن طريق العلم والجامعات. وما هو مستعار الآن يصبح أصيلا بعد حين، شرط أن تأتي الجامعة بكل ضوابطها وتقاليدها وليس من أجل أن تحول شهادتها الصعبة إلى إفادات.

اتجهت الكويت في بداية سياستها الاستثمارية نحو الصومال وباكستان ومصانع «مرسيدس» والعقار في أميركا وبعض البنوك الكبرى. ويمكننا أن نحزر النتائج بعد أربعين عاما. ويرجى عدم الخلط، من شيكاغو، بين المساعدات والاستثمارات. فالشراء في «فولكس فاغن» غير إقامة مصنع تعليب في دارفور، حيث لا يعود مهما أن يقع المصنع في أيدي فرسان الجنجويد أو في إدارة القيمين عليه. فالمعروف في العالم العربي أن الهدف الحقيقي من المساعدات هو أن تصل إلى أيدي الذين لا يحتاجونها. أما المحتاجون حقا فلهم فتات الأكياس التي ترمى من الطائرات.