الذئب.. لا يغير جلده!

TT

شركة «بلاك ووتر»، المثيرة للجدل، والمعروفة بأنها أكبر شركة حراسة خاصة في العالم، والتي تحول لها الإدارة الأميركية «مهام خاصة» من الباطن outsourcing في أماكن كالعراق وأفغانستان وغيرها، قررت تغيير اسمها ليصبح «Xe» وينطق (زيي).

هناك قاعدة معروفة في عالم التسويق وهي: إذا كان المنتج رديئا فغير التغليف والعبوة. فبعد فترة من محاولات «التزيين» والإصلاح في الصورة الذهنية للشركة التي تتعرض لموجات وحملات عنيفة جدا نتاج سجلها السيئ وتعاملها الدموي مع العراقيين والأفغان والأميركيين أنفسهم، الذي نتج عنه سقوط أرتال من القتلى والجرحى نتاج تصرفات خاطئة من موظفيها وجنودها، قررت الشركة الظهور للعالم بشكل جديد، وهذا الشكل سيعني عمليا إلغاء اسم «بلاك ووتر» من التعاملات كافة ومن أسماء الشركات المنبثقة من الشركة الأم، مثل «بلاك ووتر» للسفن الجوية (وهي التي تقدم استخبارات ومعلومات للأجهزة الأمنية) تحولت إلى «غارديان» لأنظمة الطيران، و«بلاك ووتر» لأنظمة الهدف (وهي الوحدة التي تطور وتصمم الأهداف) تحول اسمها إلى «جي إس دي» للتصنيع، و«بلاك ووتر» للإقامة والتدريب تحول إلى «يواس» مركز التدريب.

«بلاك ووتر» أو «زيي» بحسب الاسم الجديد (وهو اختير بعناية شديدة لكي لا يكون له علاقة بالماضي القديم ولا يكون ذا أي معنى واضح، ليمكن الشركة من أن يكون لها أكبر قدر من المرونة في الدخول لكل المجالات الممكنة)، تحاول الابتعاد تماما عن ماضيها وتراهن على أنها باختيار اسم جديد وهوية جديدة لن تربط الناس أحداث الماضي بواقعها الجديد.

هذه الشركة التي أسسها أرك برنس الغواص البحري السابق وكبرت بشكل مهول لتكون جزءا أساسيا من سياسة الأمن القومي و«يحول لها قرارات جمع المعلومات وتنفيذ العمليات الكبرى»، والشركة التي أسست لها نواة قوة دفاع جوية وقوة دفاع بحرية، باتت جيشا خاصا. وتعتمد في قدراتها البشرية بشكل أساسي على الإسرائيليين (وهم الأعضاء السابقون في الجيش الإسرائيلي والميليشيات الدينية بالمستوطنات، وكذلك على التشيليين لأنهم مدربون بكفاءة شديدة ولا يكلفون الكثير).

الشركة الآن يتوسع قطاع خدماتها ليضم السفارات الأميركية في أفغانستان والعراق وجهات جديدة جار الإعداد لها، وسيشمل برنامج مهماتها البناء والحراسة والتدريب والحماية المعلوماتية. ويزداد «قبول» الإدارة الأميركية للإبقاء على «زيي» والتعامل معها «لخوفهم» من فضح الكثير من المسؤولين في الإدارة السابقة، خصوصا في ما يتعلق بسياسة الحرب على العراق وإدارة ما بعد الحرب نظرا لوجود كم هائل من التجاوزات والأخطاء، التي يخشى أن يتسبب فتحها الآن في تشتيت التركيز والمتابعة على الأهم، وهو إدارة ما بعد الحرب وتسليم السلطات وتثبيت الوجود لمرحلة ما بعد الاستقرار الأمني للحصاد الاقتصادي، وهو تأمين النفط العراقي والممر الآمن للغاز والمعادن عبر أفغانستان.

لكن هناك خبرا آخر جديرا بالمتابعة وهو لافت ويستحق الاهتمام.. فأرك برنس «ظاهريا» لن يكون في الصورة كما كان، وسيعرض شركته القديمة «بلاك ووتر» (في هيكلها القانوني القديم) للبيع، وينتقل إلى دبي في الإمارات العربية المتحدة، ويعتقد الكثير من المراقبين أن ذلك تمهيد (كإجراء احترازي منه) لبدء سلسلة من التحقيقات التي قد يتبعها توجيه تهم جادة ضده وضد بعض التنفيذيين من شركته من قبل الكونغرس الأميركي والادعاء العام هناك. ودبي ليست لديها اتفاقية تبادل وتسليم المتهمين مع الولايات المتحدة. كل الأمل أن يرفض المسؤولون في الإمارات استقبال هذه الشخصية المثيرة للجدل حتى لا يرتبط اسم دبي بهذه النوعية من الشخصيات التي لا تجذب معها سوى الجدل.

«بلاك ووتر» أو «زيي» أو أي اسم آخر اختارته لنفسها هذه الشركة، هي وليدة أفكار اليمين المتطرف والمحافظين الجدد، وما هي إلا سقطة كبرى.