ظلم ذوي القربى

TT

هل لاحظتم أن بعض العرب قد بدأوا «يستمسحون»، ولم تعد لديهم تلك الغيرة على تراب بلادهم العربية؟ وأبسط مثال هو لو أن هناك صحافيا أراد أن يحرج السيد حسن نصر الله، وسأله: أي الاسمين يروق لسماحتكم: اسم «الخليج العربي» أم «الخليج الفارسي»؟! وهل عرفت أن ما يسمى بـ«الأهواز»، كانت في يوم من الأيام إمارة عربية يقال لها «المحمرّة»؟!

فإنني على يقين أن السيد نصر الله لن يحرج أبدا من سؤال الصحافي، لأنه بالفعل يطلق على الخليج صبح مساء اسم «الخليج الفارسي»، ولا يعترف أصلا أن إمارة عربية كانت هناك ويحكمها «الخزاعل»، أو أن الشاطئ الشرقي من شماله إلى جنوبه كانت تقطنه من قديم الزمان قبائل عربية أشهرها قبيلة بني كعب، وأن بريطانيا هي التي خدعت الشيخ «خزعل» وأقامت له حفلة على إحدى قطعها البحرية، ثم اعتقلته وسلمته لطهران، وهكذا ساهمت في سلخ هذا الجزء الهام الغني بالنفط من البلاد العربية. كما أنني على يقين أن السيد نصر الله لن يحرج أبدا لو أن ذلك الصحافي سأله عن الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من إيران، وهل هو يعتبرها عربية أم إيرانية، فجوابه معروف دون أن أقوله، فولاؤه أولا وأخيرا «للولي الفقيه» في قم.

هذا حصل في الخليج بعد نهاية الحرب العالمية الأولى مباشرة، وبعد نهاية هذه الحرب أيضا سلخ لواء «الإسكندرونة» من سورية وألحق بتركيا، وكان لبريطانيا دور في هذه اللعبة أو المأساة كذلك.

وأتى ذلك الضم بناء على استفتاء ظالم أجرته «عصبة الأمم» في ذلك الحين، وخرجت بنتيجة أن أكثرية السكان قد صوتوا على جانب الانضمام إلى تركيا على أساس أنهم أتراك، والواقع غير ذلك تماما.

وهذا ما فضحه بعد ذلك بسنوات الكولونيل «نيوكمب»، المشرف على ذلك الاستفتاء، والذي كانت له اليد الطولى في تلك العملية.

وقد اعترف في مقابلة معه أنهم لم يوزعوا السكان حسب «عنصرهم أو أصلهم» مثلما هو مفترض - أي العرب معا، مقابل الأتراك معا - ولو أنهم فعلوا ذلك لكانت نسبة العرب في الإسكندرونة تزيد على «90%»، لكنهم بخبث ودهاء وزعوا سنّة «عربا وأتراكا» في جهة، مقابل «علويين وشيعة ومسيحيين»، وهؤلاء عرب وضعوهم في الجهة المقابلة.

لهذا اعتبروا السنّة جميعا تابعين للمذهب الذي يقبله الأتراك، وعندما أعلنت نتيجة الاستفتاء ظهر أن الأتراك - أي السنّة - هم الأكثرية.

وإنني لفي عجب كيف يغضب أو يستغرب البعض من وزير خارجية الإمارات عندما قال: «لا فرق بين أرض محتلة في فلسطين أو أرض محتلة في الإمارات»!

نعم، لو كان هناك غيرة أو وطنية أو ولاء - سموها كما شئتم - لو كان هناك ذلك لرفضنا احتلال شبر واحد من بلادنا العربية أيا كان ذلك المحتل، إنه كلام لا يمتّ إلى الخيال ولا إلى الرومانسية بأي صلة، ولكنه واقع، وإلا ما الفرق ما بين احتلال إسرائيل لفلسطين، واحتلال إسبانيا لجزيرتي «سبتة ومليلة»، واحتلال تركيا للإسكندرونة، واحتلال إيران لجزر الإمارات؟!

هل لأن المحتلين الأوائل هم يهود ومسيحيون، والمحتلين الآخرين هم مسلمون؟! هل لهذا فقط ذنبهم في حقنا مغفور؟!

ألم تقرأوا بيت الشعر العربي القائل:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً

على المرء من وقع الحسام المهنَّدِ «؟!»

[email protected]