أهد صغيرك كرة ودعه يبني مستقبله

TT

في غمرة البطالة التي تضرب أطنابها، وجدت نفسي أهدي حفيدي الصغير كرة من النوع الذي اختاره الفيفا لكأس العالم، ولم أنس أن أزوده بالحكمة السودانية الشهيرة، التي تقول إن أقصر طريق إلى الثراء والشهرة «أن تدق كفرا، أو تعزف وترا»، أي أن تلعب كرة، أو تعزف على آلة موسيقية، وأوصيته، إن اشتد عوده، بأن يذهب إلى عمه رابح سعدان، أو المعلم حسن شحاتة، أو أي مدرب آخر يمكن أن يقدر مواهبه، فيقول عنه كلمة طيبة تدخله البورصة، وتبعده عن شبح البطالة الذي يتربص بالمتعلمين، متمنيا أن يكون حظه في عالم الكرة أفضل من حظ جده الذي لم يصل في المراتب الكروية - رغم إضاعته ربع قرن من عمره - لأبعد من دكة الاحتياط، ولم يفتني أن أزوده بأسعار أغلى اللاعبين، أمثال: الأرجنتيني «ميسي» الذي يصل إلى 80 مليون يورو، والبرتقالي «رونالدو» 75 مليون يورو، والإسباني «هرنانديز» 65 مليون يورو، والإنجليزي «روني» 53 مليون يورو، والبرازيلي «كاكا» 50 مليون يورو، لتكون حوافز له، فما يحصل عليه أحدهم يساوي دخل الطبيب - لو وجد له عملا - لأكثر من 200 سنة مع البدلات! فعلى ذمة صحيفة «المدينة»، أن شبح البطالة في السعودية امتد إلى حقل الأطباء، وأن 70 من الأطباء البشريين وأطباء الأسنان من خريجي الجامعات الحكومية والخارجية المعترف بها يعانون من البطالة منذ أكثر من عامين، وهذا العدد في مدينة واحدة هي جدة، المدينة التي تضم مئات المستشفيات والمستوصفات، ويعمل بها الآلاف من الأطباء المتعاقدين، حتى إن أحد الأطباء الجدد أخذها من قصيرها، وتحول إلى سائق تاكسي بمرتبة طبيب، ويا حظ الذي يركب معه، فهو يضمن على الأقل وجود الإسعافات الأولية، إن حدث له مكروه أثناء المشوار.

وبدلا من أن ينضم ابنك إلى قائمة العاطلين بعد تخرجه في كلية الطب، دعه يركض خلف الكرة، فقد يحالفه الحظ ويأتيه الرزق عن طريق قدميه، خاصة أن المسافة بين الرأس والقدم غدت وهما، وما أكثر الأقدام التي اعتلت الرؤوس، وتعلقت بها ملايين النفوس.

وصدق من قال: إن «الفيفا» يوشك أن يحكم العالم.