عود على بدء

TT

غالبا ما يطوي الحدث العالمي المستجد احداثا سابقة فتضيع في خضم التطورات المتسارعة قضايا لا تقل عنها اهمية والحاحا... فكيف اذا كان الحدث المستجد بحجم الهجومين الاجراميين على نيويورك وواشنطن الاسبوع الماضي.

من هنا ضرورة الا يتناسى العالم، في سياق الحديث المتصاعد عن حرب شاملة على الارهاب، حدثا استفزازيا، بل ارهابيـا بابعاده المخططة سلفا حوّل حالة التوتر في الاراضي الفلسطينية المحتلة الى نزاع امني واسع... هو عملية «اقتحام» الجنرال ارييل شارون، بمواكبة مسلحة نافرة، للحرم الشريف في القدس. بعد عام واحد على هذا الاقتحام لم يعد خافيا أن هدفه السياسي كان تبرير عودة اسرائيل عن مسيرة السلام في فلسطين،بدءا بعودة شارون نفسه الى الحكم، ومن ثم تبرير اللجوء الى القوة العسكرية وسيلة وحيدة لمواجهة مطلب الاستقلال الفلسطيني.

لو كان الجنرال الاسرائيلي الآخر، ايهود باراك ـ الحاكم آنذاك ـ اكثرادراكا للابعاد السياسية لعملية الاقتحام الشاروني للحرم الشريف،وحال يومها دون تنفيذه، لربما كانت المسيرة السلمية مستمرة في الشرق الاوسط ولكان الوضع الامني في الاراضي المحتلة مختلفا قطعا عما هو الان.

واليوم، وبعد سنة كاملة على عملية الاقتحام الاستفزازي للحرم الشريف، يعود ارييل شارون الى ممارسة تطرفه الاستفزازي بمنعه وزير خارجيته، شيمعون بيريس، من الالتقاء برئيس السلطة الفلسطينية، ياسر عرفات، متذرعا بان « توقيته»، بعد الاعتداءات على الاراضي الاميركية، سيكون « خطيرا بالنسبة لاسرائيل». وفي موقف اكثر وضوحا لاتجاه حكومة شارون الى تحويل كارثتي واشنطن ونيويورك ذريعة جديدة لمواصلة حربها الدموية على الفلسطينيين، دعا وزير شؤونه البرلمانية، داني نافيه، زميله وزير الخارجية بيريس، الى الامتناع عن لقاء عرفات والتفرغ «للمهمة الوطنية الحقيقية لاسرائيل باستغلال هذه الفرصة التاريخية الناشئة في العالم، ازاء الكارثة الاميركية، واقناع دول العالم التي تنوي التحالف ضد الارهاب ان تضع عرفات وسلطته الوطنية ومنظماته الارهابية على رأس قائمة المستهدفين في هذه المعركة وتخليص البشرية والعالم الغربي المتحضر منهم».

بالنسبة للرعيل الليكودي الحاكم في اسرائيل، بات المطلوب تجييش العالم قاطبة او تسخير واشنطن على الاقل لمحاربة انتفاضة الفلسطينيين الاستقلالية... بداعي محاربة «الارهاب».

وفي وقت لا يختلف فيه اثنان على ضرورة مؤازرة واشنطن في سعيها لتخليص العالم من الارهاب الفعلي، بات من الاهمية بمكان ان تعمد واشنطن بالذات الى تسريع تسوية النزاعات القومية في اي بؤرة كانت من بؤر التوتر في العالم كي لا تستغل سياسيا ـ وعلى الطريقة الليكودية ـ في تأليب الغرب على القضايا الاستقلالية في العالم، خصوصا اذا كانت جذور هذه النزاعات تعود الى احتلال عسكري لارض الغير، تماما كما هي الحال الان في فلسطين.