تعاون غير عادل في مكافحة الإرهاب

TT

دع التخوفات الظاهرية من قيام الولايات المتحدة بضربة عسكرية على افغانستان ونح جانبا التمنع الظاهري من التعاون الجماعي في مكافحة الارهاب، فالاغلبية ان لم نقل الجميع يرغبون في تعاون لايقاف وردع التنظيمات المعارضة التي تملك قدرات عسكرية، هذه الاغلبية جربت او شاهدت ان المعارضة لم تعد كما كانت في السابق ذات قدرات تخريبية محدودة بدليل ان الفصيل المعارض داخل الجيش الجمهوري في ايرلندا الشمالية كان قادرا على هز العاصمة البريطانية مرتين رغم ضآلة امكانياته. فرنسا هي الاخرى تعاني من عودة العنف من قبل الحركات الانفصالية في كورسيكا، والشيء نفسه تعرضت له اسبانيا من قبل حركة الباسك الانفصالية ايضا. وهذا ينسحب على دول اميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وكذلك على باكستان.

ولنتوقف عند باكستان التي ستكون لاعبا سياسيا مهما خلال الايام المقبلة والتي تعرضت لضغوط اكثر من اي دولة اخرى بحكم رعايتها لحركة طالبان ومجاورتها لافغانستان. باكستان كانت وما زالت تعاني كثيرا من الارهاب السياسي المصحوب بعمليات عسكرية تحصد العشرات في كل انفجار مدبر. باكستان حاولت خلال السنين الماضية اقناع بريطانيا ان تسلمها مطلوبين من تنظيمات لجأوا اليها ويقومون، كما تقول، بهندسة هذه العمليات، لكن بريطانيا ترفض بحجة ان تشريعاتها تكفل الحماية للاجئين وتمنع تسليمهم ما لم تقدم ادلة ملموسة تؤكد على مشاركتهم الواضحة في هذه العمليات.

واذا كانت كل هذه الدول المتضررة من الارهاب، وهي كثيرة، من اندونيسيا والفلبين الى العالم العربي وحتى اقاصي اميركا الجنوبية، تريد تعاونا دوليا فان المشاكل التي تعترض هذا التعاون عديدة وصعبة.

وهنا على الحكومة الاميركية وحليفاتها الغربية ان تدرك انها لا تستطيع ان تمنع تسليم مطلوبين للدول الصغيرة وفي نفس الوقت تريدها ان تتعاون معها في ملاحقة واعتقال وتسليم مشبوهين تآمروا ضد واشنطن او لندن او مدريد او غيرها.

بدون تنازلات مشروطة، اي لا تستخدم لتصفية المعارضة المسالمة، ومتبادلة فان مشروع مكافحة الارهاب سيتبخر كما تبخر مشروع الامن الاقليمي الذي عقد في شرم الشيخ عندما اكتشف المشاركون انه لا يفرق بين حق فرد في تحرير ارضه المحتلة من قبل الاجنبي والارهاب الذي ينفذه آخرون من باب الاستيلاء او زعزعة انظمة قائمة. من دون تعاون عادل فان كل هذا الحديث سيختفي عندما ينتهي الضجيج.