الشعراء في إخوانياتهم

TT

تنقسم كل التصاوير الفوتوغرافية لشخصي الى مجموعتين لمرحلتين. ابدو في الاولى بشوارب محترمة كثيفة. وفي الثانية بدون أي اثر للشوارب. المجموعة الاولى تمثل حياتي في العراق والثانية تمثل حياتي في بريطانيا، فعندما كنت في بغداد تمنيت ان احلق الشوارب واتخلص منها، ولكنني خشيت ان اضيع فلا يعرف الناس من انا، فاحتفظت بها حتى اذا وطأت قدماي لندن، اسرعت اول ليلة في الفندق الى حلاقتها قبل ان يراها الناس. والآن في بريطانيا اذا تركتها تنمو وتستعيد سابق مجدها، فلن يعرفني الناس اذا ضعت. ولا حتى سكوتلنديارد.

لم ينتبه الشاعر القروي الى ما انتبهت اليه. فذهب وخلا بشيطانه وحلق شواربه. رآه احد اصحابه في الشارع، فلم يعرفه واضطر الشاعر الى ان يعيد تقديم نفسه اليه. فسأله عنها أين ذهبت؟ وما دعاها الى مفارقته فأجابه شعرا وقال:

قالوا حلقت الشاربين ويا ضياع الشاربينِ! فأجبتهم بل بئس ذا ن، ولا رأت عيناي ذينِ الشاغلين المزعجين الطالعين النازلين ويلي اذا ما أرهفا ذنبيهما كالعقربين ان ينزلا لجما فمي او يصعدا التطما بعيني واذا هما بُسط الخوان تراهما سبقا اليدين فإذا اردت الأكل يقـْ تسماه بينهما وبيني واذا اردتُ الشرب يمتصان كالاسفنجتين فكأنني بهما وقد وقفا بباب المنخرين عبدان من اشقى العبيد تقاضيا ملكا بدينِ ولكن الظاهر من الشعر الاخواني للشاعر القروي، انه لاقى ويلات كثيرة من شَعره مثلما لاقى من شِعره. فقد داهمه المشيب قبل اوانه، وكان له شعر اسود فاحم. لاحظ اصدقاؤه الشعرات البيضاء الاولى التي تثير الكآبة في نفس الشباب فلفتوا نظره اليها. فقال متوجعا مما لاحظوا:

تبدّت وميعاد المشيب بعيد وجيش اماني الشباب عديد ولا عجب ان ولّد الفحم ماسة برأسي وضغط الحادثات شديد تجلت على عرش الشباب كسيد حواليه من سود الشعور عبيد اذا سطعت في الرأس منهن شعرة فقد لاح نور في الدماغ جديد فيا شعرة بيضاء لاحت بمفرقي كما لاح من جيد الصباح عمود ذهبت بأحلام الصبا وتركتني اقول: «الا ليت الشباب يعود» وكانت ابياتا تنظر الى ما قاله يوسف زخريا عندما داهمه الشيب:

غزا شبابي منتصبا بيــ ض الظبا ناشرا في لمتي علما فقلت احفظ من عهد الصبا اثرا الا تراه على القرطاس مرتسما؟