نتنياهو يعد بزيارة تاريخية!

TT

تقاطرت الوفود الإسرائيلية على القاهرة، وكثرت التصريحات الرسمية من المقر الرسمي لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يحزم حقيبته لزيارة العاصمة الأميركية، الزيارة التي أُجلت قبل موعدها بيوم واحد بسبب مواجهات قافلة الحرية المتجهة إلى غزة.

وربما لا يوجد جديد في البرنامج الإسرائيلي لولا أن مسؤولا رسميا وصف الزيارة الموعودة، لملاقاة الرئيس الأميركي باراك أوباما، بأنها ستكون حدثا يغير تاريخ المنطقة. فما هو هذا الطارئ الذي سيغير التاريخ؟ قد تكون مجرد دعاية لجذب الاهتمام لزيارة سبق أن أُجلت مرة من قبل، وسبقتها زيارة لنتنياهو كانت أسوأ الزيارات في تاريخ العلاقات الأميركية الإسرائيلية، إلى درجة أن البيت الأبيض رفض السماح بنشر صور مقابلة الرئيسين. أو أنها مجرد تهويل لما سيقوله نتنياهو، واعتباره تنازلات سياسية مهمة بهدف تخفيف الضغط الدولي المتزايد، منذ أن كشفت أوروبا عن مشروعها بأنها ستؤيد إقامة دولة فلسطينية إن رفضت إسرائيل التقدم في مفاوضاتها. تلك الخطوة التي هزت الحكومة الإسرائيلية، وتعتبرها إلى اليوم أخطر الأفكار المطروحة وتعد صراحة بإقامة دولتين؛ فلسطينية وإسرائيلية، سواء بمفاوضات أو من دونها.

يستطيع نتنياهو أن يقول إنه خرب المنطقة بشكل تاريخي. فقد ساعد المتطرفين العرب والإسلاميين على البروز في الساحة على حساب المعتدلين. وأضعف حكومة أبو مازن، وشوه سمعتها بين مواطنيها، رغم كل ما بذلته من إصلاحات داخلية وما قامت به لتشجيع الحل السلمي. وأفسد نتنياهو العلاقة الضرورية لإسرائيل مع مصر، وشجع الآخرين مثل تركيا المعتدلة على التحول نحو إيران وحماس وغيرها.

ومهما يكن برنامج نتنياهو في واشنطن، وما يحمله من «تغيير تاريخي» فإن الكثير من الحماس قد فتر بسبب المماطلة والتسويف الإسرائيليين، وبسبب عجز الإدارة الأميركية عن إظهار شخصية سياسية قادرة على تحريك الأمور على الأرض. وبسبب شخصيته السيئة لم يعد هناك الكثير من الأمل يمكن أن يعلَّق على وعوده وزيارته.

أما الجانب العربي فإنه يتسابق على إشاعة اليأس، ويضغط المتطرفون من أجل إغلاق درب المفاوضات المباشرة وغيرها. حتى حكومة السلطة الفلسطينية، الأكثر حاجة إلى التفاوض والحل السلمي، صارت تتجنب الحديث عن رغبتها في المفاوضات، وترفض علانية المفاوضات المباشرة مع أنها لا تملك خيارات أخرى.

وإذا كان الرئيس أوباما لا يريد معركة مع اللوبي الإسرائيلي، في وقت تقترب فيه الانتخابات النيابية في الولايات المتحدة، فإن عليه على الأقل أن يترك الأوروبيين يجربون مشروعهم بالتصويت لصالح إقامة دولة فلسطينية، أن يدعه يسير في مجراه القانوني في أروقة الأمم المتحدة. فالأوروبيون متحمسون لاختبار فكرة فرض دولة فلسطينية عن طريق الأمم المتحدة، وفق صيغة تكاد تكون مقبولة من جميع دول العالم، باستثناء إسرائيل تحت إدارة نتنياهو. دولة فلسطينية داخل حدود ما قبل حرب 67 في الضفة وغزة، وإعادة الجولان لسورية. نفس الصيغة التي اعتمدها العرب في مبادرتهم التاريخية، وأيدتها أكثرية دولية، وبموجبها يعترف العرب بإسرائيل ويعلن رسميا إنهاء النزاع.

[email protected]