السعودية وإسرائيل مرة أخرى

TT

السبت الماضي كتبنا أن طرفين يستفزهما النشاط والحضور السياسي السعودي المكثف على المستوى الدولي، وخصوصا بعد مشاركة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة العشرين في كندا، وبعدها زيارته إلى واشنطن والحفاوة التي وجدها من قبل الرئيس الأميركي باراك أوباما، والطرفان بالطبع هما إيران وإسرائيل. وقبل أمس كشف الإسرائيليون عن معركة تدور في الخفاء في أروقة واشنطن لتعطيل صفقة أسلحة سعودية خاصة بشراء طائرات إف 15، ومعدات، وأجهزة أخرى. وبالطبع، هذا ليس بالأمر الجديد، ولا هو بالأمر الذي يشغل السعوديين كثيرا؛ فهناك تاريخ طويل من الصراع الخفي في أروقة واشنطن بين السعوديين والإسرائيليين، ولم تستطع تل أبيب تعطيل ما تريده الرياض. وأبرز قصة هنا كانت صفقة طائرات الأواكس، وغيرها.

لكن الغريب في التفسير الإسرائيلي لمعارضتهم صفقة الطائرات العسكرية، هو قولهم إن السعودية قد تستخدم تلك الطائرات ضدهم في المستقبل. وعليه، فإن تل أبيب تريد أن تحافظ على تقدمها العسكري في المنطقة، وعلى حساب الجميع، وهناك من يقول إن المسألة برمتها مجرد ابتزاز إسرائيلي جديد لواشنطن، وهذا أمر غير مستبعد. لكن الرد على الجدل الإسرائيلي في واشنطن يجب أن يكون من ذات النوع، وهو: إلى متى تتم حماية إسرائيل في المنطقة؟

فبدلا من أن تسعى إسرائيل إلى مزيد من التسلح في المنطقة، وبالتالي مزيد من العداء، فمن الأسلم أن تجنح إلى السلم، وتستجيب لكل المحاولات المبذولة من أجل إتمام عملية السلام الفلسطيني الإسرائيلي، والسوري الإسرائيلي، وبالتالي العربي الإسرائيلي، وإنهاء الصراع في المنطقة. وذلك إحقاقا للحق، وحماية لإسرائيل، بدلا من الاستمرار في تدليلها، بالسلاح والأموال، وإعفائها من الالتزام بالقوانين الدولية.

السلام هو خير حماية لإسرائيل، إذا أرادت حماية نفسها؛ فالسلام أنجع من كل الأسلحة والطائرات. فهي في محيط عربي، ولا يمكن لها أن تضمن أمنها وسلامها بالدعم العسكري الذي تقدمه لها أميركا، أو ضمان التفوق العسكري؛ فالسلاح لا يحمي من الكراهية، ولا يجلب الأمن بحد ذاته، لكن السلام يفعل كل ذلك ومن دون إطلاق رصاصة واحدة!

هذه هي الرسالة التي يجب إيصالها إلى الأميركيين، والمجتمع الأميركي، خصوصا أن هناك أصواتا تتعالى في أميركا، ولو على استحياء، تتساءل: لماذا على المواطن الأميركي أن يسدد فاتورة أمن ورخاء إسرائيل؟ وهو أمر يلحظه من يراقب ردود الفعل على بعض المواضيع الصحافية في وسائل الإعلام الأميركية.

فعندما نقول إن إيران وإسرائيل هما من يستفزهما التحرك السعودي، فالسبب بسيط؛ ذلك أن إسرائيل تتعذر بإيران، لتفادي السلام، وإيران تتعذر بإسرائيل، في توسعها وتدخلها بشؤون دولنا ومنطقتنا، وبالتالي فإن أمن المنطقة كله في خطر. والعقلاء، مثل السعودية، يحاولون تجنيب المنطقة شر أي كوارث جديدة. ولذا، فإن كلا من إيران وإسرائيل يستفزهما التحرك السعودي، وعليه نجد إيران تطعن في السعودية عربيا، بينما تسعى إسرائيل لطعن السعودية في كل من أميركا وأوروبا.

[email protected]