حديث الحرب.. والسلام

TT

بين حديث مسؤول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البيت الأبيض عن حدوث تقدم في مهمة جورج ميتشل بما يمهد لمفاوضات مباشرة فلسطينية - إسرائيلية، الذي رد عليه الفلسطينيون بالاستفسار عن هذا التقدم، وبين تقرير بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة عن ارتفاع التوتر في جنوب لبنان والمخاوف من حسابات خاطئة وعودة العمليات الحربية بما سيؤدي إلى نتائج مدمرة على لبنان والمنطقة، يبدو المشهد في المنطقة متناقضا، وكأن هناك سباقا بين الحرب والسلام.

وفي هذا الإطار هناك التصريحات المتكررة التي جاءت على لسان الرئيس السوري بشار الأسد، خاصة في جولته الحالية، التي يحذر فيها من حرب في غياب السلام بالمنطقة، وآخرها أول من أمس عن عجز واشنطن وهي الطرف الرئيسي الذي يعول عليه الجميع في إدارة عملية السلام بالمنطقة. وهناك تصريحات عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية في زيارته الأخيرة إلى لبنان التي يستبعد فيها حدوث حرب.

هناك حالة توتر قائمة خاصة على جبهة لبنان الجنوبية منذ أشهر، وسط التقارير التي تتحدث عن وصول صواريخ أو أسلحة جديدة إلى حزب الله هناك، وزادت حالة التوتر في المنطقة بعد الهجوم الدامي الذي شنته إسرائيل على سفن «أسطول الحرية» الذي كان متجها بمساعدات إنسانية إلى غزة. وقد فتح ذلك جبهة توتر جديدة بين إسرائيل وتركيا وما زالت الأمور تتصاعد إلى درجة تلويح أنقرة بقطع العلاقات، بما يعني أن دمشق فقدت وسيطها في رعاية المفاوضات غير المباشرة التي كانت قائمة وتوقفت بعد اجتياح غزة.

كل ذلك يعني أن هناك ما يكفي من الشكوك والتوترات والإحباطات لانفجار أو حريق مفاجئ في المنطقة، خاصة أن كل ذلك يتداخل مع ملف آخر أكثر سخونة هو الملف النووي الإيراني والصراع بين طهران والقوى الغربية، واستخدام الأولى جبهات عربية لتدعيم وتقوية أوراقها في مواجهة الغرب.

لكن على الجانب الآخر تبدو كلمة «حرب» كبيرة بعض الشيء إذا أخذناها ببعدها الإقليمي، ولا يوجد من العوامل أو الإرادات ما يكفي لحدوث مثل هذا السيناريو سواء على الجانب الإسرائيلي، أو على الجانب العربي، كما لا توجد أطراف أو قوى دولية من مصلحتها حدوث ذلك، وما زالت هناك رغبة في إعطاء فرصة لجهود إدارة أوباما في محاولة تحقيق اختراق ما يهدئ أجواء التوتر السائدة.

وستكون المباحثات التي سيجريها الرئيس الأميركي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي هذا الأسبوع في زيارته المؤجلة إلى واشنطن فرصة لتحديد الاتجاهات التي ستسير فيها المنطقة، وما إذا كانت التصريحات الصادرة عن تقليل الفجوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين مجرد تفاؤل أم تستند إلى وقائع على الأرض.

عموما تحتاج المنطقة إلى إنجاز أو اختراق لأن حالة نفاد الصبر والإحباط من عدم حدوث شيء عالية، وهو ما يجعل حديث الحسابات الخاطئة له أساس قوي على الأرض، وما يحدث من احتكاكات في الجنوب اللبناني مع قوات اليونيفيل مؤشر خطر.