فمن أنباك أن أباك ذيب!

TT

يتوهم الإنسان أحيانا أنه قادر على التغيير - أن يغير نفسه وغيره على هواه ليكون بالصورة التي تريحه. من بين هذه الأوهام الذهبية ما يحدث في حالة الزواج. الزوج يريد أن يغيرها. وهي عندها أمل أن تغيره ليتوافق مع هواها.

هو يحاول وهي أيضا. والنتيجة: لم يتغير شيء. فليس سهلا أن تتغير حياة أي إنسان لمجرد أنه ارتبط بإنسان آخر لم يكن يعرف عنه شيئا.

ولما عرف كان الذي عرفه قليلا. وهذا القليل ليس من القوة إلى درجة أن يغير ما استقر من سلوك رجولي أو نسائي. يقول الشاعر:

لا أنت هانئة ولا أنا هاني

كل يغالط نفسه ويعاني

لا أنت هانئ بالتغيير، إن حدث، ولا هي أيضا. ولكنهما يحاولان ويغالطان ويصدقان..

يقال إن أعرابيا أتى بذئب صغير ورباه بين الأغنام تماما كما لو كان كلبا. وفوجئ بأن الذئب هجم على شاة وعقرها فأكلها. قال صاحب الذئب:

أكلت شويهتي وفجعت قلبي

فمن أنباك أن أباك ذيب

أي من الذي قال إنك ذئب.. مع أنه عاش كالكلاب بين الأغنام وتصور صاحب الغنم أنه ما دام قد عاش بين الغنم صار واحدا منها أو واحدا من الكلاب حولها.. صار كلبا. لم يحدث. وإنما كبر الصغير وارتد ذئبا. فلم يقل له أحد. وإنما الغريزة قالت إنه ذئب وابن ذئب!

وقيل قديما: إن الطبع أقوى من التطبع. وهذا ما حدث في حكاية الذئب والحملان.. فهو ذئب أراد أو لم يرد. ولا بد أن يظهر عليه. فعالم الذئاب مهما حاولنا فلن نجعله وديعا كالحملان.

فأن يتحول ذئب إلى حمل، هذا مستحيل. يجوز أن ذلك قد حدث مرة أو مرتين في التعامل بعد أن أعطوا الذئب الصغير عقاقير تجعله وديعا كالحمل. فلا هو ذئب ولا هو حمل. ولكن من المؤكد أنه ذئب قد ربطوه وخدروه فنام الذئب في داخله. وظهر لنا الحمل وديعا.. أي حتى يفيق من المخدر فيرتد ذئبا - وإذا ارتد فلن يعود!