وحشية الصين الخفية!

TT

من سيقف ليدافع عن حقوق الويغور؟

قبل عام من الآن، عندما قامت الشرطة الصينية باستخدام العنف في قمع احتجاج سلمي نظمته أقلية الويغور في أورومتشي، عاصمة منطقة شينجيانغ غرب البلاد، نظر العالم بصورة أساسية إلى الاتجاه الآخر. هناك رسالة بعنوان «هل بإمكان أي أحد سماع أصواتنا؟»، إنها تقرير أصدره في الآونة الأخيرة مشروع حقوق الإنسان للويغور. ويذكر هذا التقرير، المستند إلى شهادات شهود عيان، بالتفصيل، إطلاق النار على المحتجين، الذي أسفر عن مصرع المئات، وكذلك الضرب الجماعي والاعتقال التعسفي لآلاف الأفراد وعشرة شهور من قطع الاتصالات، وهو ما عزل المنطقة عن العالم الخارجي. وذكر أحد شهود العيان أنه رأى رجال الشرطة يسلمون عصا من الصلب للصينيين من قومية الهان، مما يؤكد التقارير التي تفيد بأن قوات الأمن أثارت العنف ضد الويغور.

وقد حملت بكين «قوى معادية من خارج البلاد» مسؤولية العنف، خاصة القائدة الويغورية ربيعة قدير، التي نفيت إلى الولايات المتحدة من أحد السجون الصينية عام 2005. بيد أن مصدر الاضطرابات كان داخليا بصورة كاملة، وكان السبب المباشر هو هجوم على عمال من الويغور في أحد مصانع ألعاب الأطفال في قوانغدونغ قبل عشرة أيام من احتجاجات أورومتشي.

ويوضح وجود عمال الويغور على بعد ثلاثة آلاف ميل شرق أورومتشي السياسة المناهضة للويغور التي تتبعها الصين، والتي تشجع على توطين الصينيين من الهان وتوظيفهم في منطقة شينجيانغ، في حين يتم توظيف الويغور العاطلين عن العمل، وخاصة الشابات، في مصانع شرق الصين. والتركيز على المرأة ليس عرضيا، حيث فسرت قدير هذا الأمر في أحد المؤتمرات في واشنطن، قائلة: «نعتقد أن ذلك جزء من جهود السلطات لتهديد استمرار وجودنا كشعب، لأنهم يأخذون النساء إلى مناطق خارج مجتمعاتهن في الوقت الذي يتزوجن فيه وينشئن أسرا جديدة».

وفي الحقيقة، يعد نقل السكان، الذي يهدد التركيبة العرقية في شينجيانغ، أحد أبعاد سياسة صينية منهجية تهدد بقاء قومية الويغور. وتم عمليا إلغاء لغة الويغور من المدارس، في الوقت الذي تم فيه حظر مئات الكتب حول تاريخ الويغور، بل وتم حرقها. كما أن هناك هجوما على الديانة الإسلامية التي تدين بها قومية الويغور، حيث يتم إجبار المتدينين على الخضوع إلى عملية «إعادة تثقيف وطني»، وتسيطر البلاد سيطرة صارمة على إنشاء المساجد. أضف إلى ذلك أن السلطات الصينية تهدم مدينة كاشغار القديمة، وتجبر 200 ألف فرد في 65 ألف أسرة على تركها، وتدمر ما يطلق عليه «مهد ثقافة الويغور».

ووصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الخطة الرامية إلى هدم 22 منزلا فلسطينيا في القدس الشرقية بأنها «استفزازية» و«مخالفة للقانون الدولي». بيد أن تدمير مدينة كاشغار القديمة وثقافة الويغور لا يستحق ولو كلمة واحدة. وكما قال جورج أورويل وهو يتحدث عن ستالين: «تستطيع أكبر الجرائم في الحقيقة تجنب دائرة الاهتمام تماما، ما دامت لا توافق المزاج السياسي في هذا الوقت». وبكل وضوح، لا توافق المحنة المروعة للويغور المزاج السياسي في الوقت الحالي، حتى بين إخوانهم في الدين في العالم الإسلامي.

ويتضمن التقرير الذي صدر الأسبوع الماضي توصيات للحكومة الصينية والمجتمع الدولي. واللافت في التوصيات الموجهة إلى بكين - المتمثلة في حرية الإعلام وسيادة القانون، وكذلك الاعتراف بالأسباب الكامنة لاحتجاجات أورومتشي - هو أنها تتوافق مع المبادئ والأهداف الواردة في إعلان الميثاق 8، الذي وقع عليه أكثر من ثمانية آلاف مواطن صيني. وتتضمن هذه المبادئ الدعوة إلى جمهورية فيدرالية «تستطيع بها جميع الجماعات العرقية والدينية تحقيق الازدهار».

ويواجه الديمقراطيون الصينيون وأقلية الويغور تهديد القومية المتطرفة التي تحرض عليها حكومة بكين من أجل اكتساب الشرعية في غياب السلطة الديمقراطية المستمدة من التوافق الشعبي. ويحتاج الحوار الذي بدأوه في المنفى إلى أن يجد صدى في الصين من خلال قنوات الاتصال المكثفة التي لا يستطيع النظام الحاكم حظرها تماما، وبالتالي مقاومة الكراهية القومية وتعزيز الالتزام المشترك بنبذ العنف وتحقيق مستقبل مختلف للصين.

ومن الممكن أيضا بذل الكثير من جانب المجتمع الدولي. فمن الممكن أن يجعل حل مقترح قدمه عضو مجلس النواب الديمقراطي جيمس ماكجوفرن الولايات المتحدة تثير قضية حقوق الويغور في اجتماعات مع المسؤولين الصينيين، وتقديم طلب يتيح للعاملين بالسفارة الأميركية مراقبة المحاكمات والسعي إلى إقامة قنصلية في أورومتشي. كما ينبغي للولايات المتحدة والمجتمع الدولي تأييد دعوة أطلقها الويغور قبل ثلاثة أشهر لإجراء تحقيق دولي مستقل في أحداث يوليو (تموز) من العام الماضي وفتح حوار بناء مع السلطات الصينية.

الويغور يصرخون في الصحراء، وقد آن الأوان لسماع أصواتهم!

* رئيس الصندوق الوطني للديمقراطية

* خدمة «واشنطن بوست»