أغلفة الأغذية.. هل نقرؤها؟

TT

في شهر يونيو (حزيران) الماضي حذرت «الهيئة العامة للغذاء والدواء» السعودية وسحبت من الأسواق «مغلف» قهوة سريعة التحضير لإنقاص الوزن، تحمل اسم «لوز ويت كوفي» (قهوة لإنقاص الوزن)، من إنتاج شركة صينية، تبين بعد تحليلها أنه قد تم غشها بمادة «السيبوترامين» Sibutramine الدوائية المحظورة بسبب مخاطرها على الصحة واحتمال تسببها في ارتفاع احتمال الإصابة بأمراض القلب والشرايين.

أغلفة المنتجات الغذائية على جانب كبير من الأهمية، إذ تمثل هوية المنتج الغذائي، حيث تخبرنا عن مواصفاته ومكوناته من أملاح وسكريات ودهون وسعرات حرارية ومواد حافظة ومضافات غذائية ووزنه، إلى غير ذلك من الكثير من الرموز والأرقام ذات الدلالات الصحية والغذائية والأهمية للمستهلك، هذا بالإضافة إلى تاريخ صلاحية المنتج.

ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو: هل نقرأ بالفعل البيانات المسجلة على أغلفة الأغذية ونعرف جيدا محتوياتها ومعناها العام، للتأكد إن كانت مناسبة وتمثل أغذية صحية ومتوازنة؟ وهل نهتم بقراءة تاريخ الصلاحية الموجود على الأغلفة؟ وهل البيانات والمعلومات الغذائية على الأغلفة واضحة وتمكن المستهلك من قراءتها جيدا، لتجنب تلك التي تحتوي على مكونات غذائية قد تمثل خطرا على صحة المستهلك، وأهمية ذلك للوقاية والحذر من تعاطي مواد غذائية مغلفة بعشوائية، لضمان السلامة والصحة العامة للأفراد؟

محتوى وقراءة الأغلفة الغذائية من القضايا الصحية المهمة التي تحتل مكانة وأهمية خصوصا في الدول المتقدمة، في إطار حملات التشجيع على تناول غذاء صحي، فعند شراء أي منتج غذائي من المفترض والمهم قراءة الغلاف الخاص به، للتأكد من لائحة محتوياته وتاريخ صلاحيته، فعلى سبيل المثال تفيد قراءة أغلفة المنتجات الغذائية في التعرف على مقدار الصوديوم فيها، فهناك منتجات تحتوي على نسبة عالية من الصوديوم، وهناك حاليا تقارير صحية عالمية تدعو لخفض تناول الفرد من الصوديوم للمستويات التي توصي بها إرشادات هيئات التغذية والصحة العالمية. فوفقا لتقرير هارفارد الصحي المنشور في ملحق «صحتك» بـ«الشرق الأوسط»، في فبراير (شباط) الماضي، يأتي أغلب الصوديوم في الغذاء من الملح (كلوريد الصوديوم) ويمثل الصوديوم نحو 40 في المائة من وزن الملح، وهو يؤدي الكثير من الوظائف البيولوجية المهمة مثل نقل النبضات العصبية ودفع ألياف العضلات للانقباض والاسترخاء والحفاظ على توازن السوائل المطلوب، وتقوم الكليتان بتنظيم مستوى الصوديوم في الجسم بلفظ كمياته الفائضة، إلا أنهما لا تستطيعان أداء مهمتهما بنجاح عندما تكون مستوياته في الدم عالية.

ويؤدي وجود مستوى عال من الصوديوم في الدم إلى سحبه للماء من الخلايا ويؤدي ازدياد السوائل إلى ازدياد حجم الدم، وهذا ما يتسبب في إجهاد القلب وفي ازدياد ضغط الدم في الأوعية الدموية، كما يتسبب في الغالب في تصلب جدران الأوعية، وظهور حالات ضغط الدم المرتفع المزمنة، وازدياد خطر التعرض لنوبة قلبية أو سكتة دماغية.

ومن المهم أيضا في إطار دعم وتشجيع الأفراد على تناول الغذاء الصحي في المطاعم والمدارس، لحمايتهم من الإصابة بالأمراض، وبخاصة السمنة والسكري والحساسية، تقديم قوائم طعام مزودة بمعلومات عن مكونات جميع الوجبات الغذائية وسعراتها الحرارية، وأهمية وضرورة كتابة بياناتها بخطوط واضحة تمكن المستهلك من قراءتها جيدا.

الخلاصة، قراءة وفهم أغلفة الأغذية من القضايا الصحية المهمة التي تتطلب تضافر جميع هيئات المجتمع، فهذه الأغلفة ليست شكليات من دون مضامين، فهي تعكس بصورة واضحة محتويات ومواصفات المنتج الغذائي، ولضمان السلامة والصحة العامة أصبح من الضروري دعم وتشجيع الأفراد على قراءتها ومعرفة وفهم وتفسير معناها العام، وبخاصة تلك التي تحتوي على نسبة عالية من الصوديوم، ومن المهم أن تتضمن أغلفة الأغذية معلومات وبيانات واضحة تسهل على المستهلك قراءتها ومعرفة تاريخ صلاحيتها، وأهمية التحذير وتجنب شراء أي منتج غذائي لا يحتوي غلافه على قائمة تعريف بمكوناته وتاريخ صلاحيته، ومدى مطابقته للمواصفات والتعليمات الغذائية والصحية الصادرة، مع ضرورة وأهمية إعداد برامج تعليمية وإعلامية لنشر ثقافة تعريف الأفراد بأهمية قراءة وفهم وتفسير محتويات ورموز ولغة أغلفة المنتجات الغذائية، لتصبح من العادات الغذائية الصحيحة والصحية، لضمان تناول غذاء آمن، وصحي ومتوازن.