حسين؟

TT

ما إن خاطب الرئيس الأميركي أوباما الإسرائيليين عبر مقابلة تلفزيونية مع إحدى محطاتهم المحلية، إلا وبدت الصدمة على منطقتنا. وذلك ما اتضح من خلال معظم التغطية الإعلامية العربية، وخصوصا عندما قال أوباما للإسرائيليين إنه يعلم أن اسمه الأوسط «حسين» يخيفهم. أوباما، وفي نفس المقابلة، كان محقا عندما قال إن منطق منطقتنا هو «صديق عدوي عدوي». فالإسرائيليون غضبوا وارتابوا، عندما دشن أوباما عهده بخطاب حسن نوايا للمسلمين، واليوم يصدم العرب، أيضا، لأن أوباما نفسه يخاطب الإسرائيليين بلغة الصداقة نفسها التي خاطبهم بها. لكن السؤال هو هل أوباما رئيس للعرب، أم إسرائيل، أم أنه رئيس لبلاده ويخدم مصالحها؟

أوباما دشن عهده بزيارة مصر وخطاب للمسلمين من القاهرة، وزار تركيا، وقضى ليلة بالسعودية، بينما لم يزر إسرائيل رسميا، وهذه أول مرة يخاطبهم فيها كرئيس. كما دشن عهده مهتما بالقضية الفلسطينية، على عكس كلينتون وبوش الابن، اللذين فعلا ذلك في آخر أيامهما. وتعهد أوباما بالانسحاب من العراق مبكرا، ومد يده لطهران، وأرخى الحبل مع السوريين، فعل كل ذلك قبل أن يتم عامين في البيت الأبيض. لكن ماذا فعل العرب لخدمة قضاياهم؟ هذا هو السؤال!

ونحن لا نتحدث هنا عن بوادر حسن نية تجاه إسرائيل، كما كانت تطالب واشنطن، فلا حسن نوايا مع نتنياهو. ولكن ماذا فعلنا لتدعيم مواقفنا، وجعل قضايانا قابلة للحل. وهنا لا بد أن نكون صريحين؛ فماذا حقق العرب في المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية لتدعيم الموقف الفلسطيني أمام الإسرائيليين، وقبل الحديث عن المفاوضات؟ لا شيء! بل ها هو الزهار يقول إن «المصالحة نائمة». ونحن نعرف أنه جاء في الأثر أن «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها»، فهل هذا ما كان يقصده الزهار؟ يبدو ذلك، وهذا أمر غير مستغرب، فتلك هي لغة حماس.

وعراقيا، ها هم العراقيون في ليل سرمدي من أجل تشكيل حكومتهم، حيث بات الانسحاب الأميركي من العراق أسهل من تشكيل حكومة ببغداد، التي يسرح ويمرح الذئب الإيراني فيها! وبالنسبة لإيران فقد رفضت يد أوباما الممدودة، بينما ليس للعرب موقف واضح ومعلن مما تفعله إيران، على الأقل ليشرح للرأي العام خطر إيران في العراق ولبنان وغزة والخليج العربي، بل تحول البعض من كتابنا ومثقفينا إلى آلة دعائية لإيران. كما بات انتقاد طهران في منطقتنا مثل انتقاد إسرائيل في أميركا، والدليل الصاخب هو الذي يدور حول ما قاله السفير الإماراتي في واشنطن، وهو محق؛ فيكفي أن نتأمل ما يقال في طهران بحقنا وحق حكامنا وشعوبنا!

صحيح أن للأميركيين دورا كدولة عظمى تنفرد وحدها بجل ملفات العالم، وأن لمنطقتنا أهمية، لكن نخشى أن يصل أوباما، مبكرا، إلى القناعة التي وصل إليها وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول، بعد تقاعده، حيث تنسب له عبارة شهيرة يقول فيها: «أمضيت 90% من وقتي على 10% من العالم»، ونحن لسنا إلا العشرة في المائة، أو أقل. ولذا فليس مهما ما يفعله أوباما، أو حسين لنا، الأهم ما نفعله نحن لأنفسنا!

[email protected]