العرّاف والمونديال

TT

أشهر عراف في العالم هذه الأيام اسمه «بول»، وهذا العراف ليس قارئ كف، ولا ضارب ودع، ولكنه أخطبوط سجين داخل حوض زجاجي في حديقة الحيوانات البحرية في مدينة أوبر هاوزن الألمانية، التي تحولت بفضله إلى مزار سياحي، بعد أن غدا أخطبوطها أشهر كائن حي يعرفه مجانين الكرة من اليابان إلى تشيلي، فلقد اعتقد البعض أن لدى هذا المخلوق قدرة على استشعار نتائج مباريات كرة القدم المقامة في المونديال قبل حدوثها، عبر إنزال صندوقين شفافين محملين بالطعام إلى داخل الحوض الزجاجي، وملصق على أحدهما علم الدولة التي تخوض المباراة، وعلى الآخر علم الدولة المنافسة، والصندوق الذي يتجه إليه الأخطبوط أولا سيمثل الفريق الذي سيفوز في المباراة، وقد أصبح هذا الأخطبوط محط اهتمام القنوات الفضائية، ووسائل الإعلام، بعد أن صادفت سلوكياته ما أسفرت عنه نتائج جل المباريات.

والخاسرون في المونديال يطالبون اليوم بشنق هذا الأخطبوط الذي توقع هزيمة منتخباتهم، ويعتبرونه فألا سيئا عليهم، وعلى الجانب الآخر، فثمة مَن عرض على حديقة الحيوان شراءه كصفقة استثمارية، يمكن تسويقها إلى مجانين الكرة حول العالم، ويبقى السؤال: لماذا يلجأ العالم في عصر العلم إلى مثل هذه الخرافات البليدة الساذجة؟!

أغلب الظن أن بعض العقول البشرية المحاصرة بتعقيدات الحياة، وصرامة الواقع، قد ضاقت ذرعا بضيق الأمل، فانتكست إلى مرحلة بدائية، بحثا عن الفرح، ولو عبر سلوك أخطبوط، رغم أن هذا الحيوان العفوي قد اندفع في سلوكياته وفق فطرته، حيث يشير تقرير نشرته «العربية نت» إلى أن الأخطبوط ينجذب إلى الخطوط الأفقية الحادة أكثر من الخطوط الرأسية، وهذا ما يجعله يقبل على صندوق دون الآخر، وعدم إدراك هذه الحقيقة العلمية جعل البعض ينسج من سلوكيات الأخطبوط حكاية أشغلت السذج، وألهبت خيالات العوام.

وقد دخل على خط المنافسة قروي مالي، مدعيا أن حماره «دونك» أكثر مصداقية ودقة من الأخطبوط «بول»، وأنه يجري تجارب منذ سنوات على الفرق المتنافسة بتقديم العلف لحماره في لفائف عليها أعلام الفرق، وأن الحمار لم يخيّب ظنه قط.

فهل ستقف الخرافة عند حد الأخطبوط والحمار أم ستمتد لتبني حدائق حيوان في رؤوسنا؟!

[email protected]