لنتحلى بالهدوء فيما يتعلق بالتغير المناخي

TT

من الغريب أن يقل الكلام في الفترة الأخيرة من جانب المشككين الذين ينكرون أن التغير المناخي أمر واقع. ما الذي حدث أيها القوم؟ هل هي سكتة بسبب درجات الحرارة المرتفعة؟

تكفي درجات الحرارة المرتفعة التي تعاني منها مختلف أنحاء البلاد خلال الصيف الحالي لجعل أي شخص يؤمن بالاحترار العالمي. ولكن، تفرض علي الأمانة أن أعترف بأن أسابيع قليلة من درجات حرارة قياسية لا تمثل دليلا على أي شيء. ويجب على علماء المناخ تحليل البيانات على مدار عقود وقرون لتبين ما يحدث فعلا. وبالطبع، فإن العواصف الثلجية الكثيفة غير المألوفة التي أغرقت واشنطن وغيرها من مدن الساحل الشرقي خلال الشتاء الأخير لا تبرهن على أي شيء أيضا. ولكن، لم يمنع ذلك المتشككين في المناخ من الشعور بالارتياح. وذهب السيناتور جيمس أنوف (الجمهوري من ولاية أوكلاند) مع عائلته إلى بعيد حيث قاموا ببناء كوخ في الكونغرس وأطلقوا عليه «بيت آل غور الجديد». هل تقدر على الاعتذار إلى صاحب جائزة نوبل، يا سيناتور؟

لا، سيكون من المبالغ أن نأمل حدوث ذلك. وتوجد رغبة أكثر واقعية وهي أن تقنع درجات الحرارة المرتفعة مَن اتجهوا لقبول نهج المتشككين واعتقدوا أن الاحترار العالمي مجرد هراء!

نعرف جميعا في الوقت الحالي المراسلة عبر البريد الإلكتروني التي سُرقت من أجهزة كومبيوتر خاصة بباحثين في المناخ العام الماضي، التي وصفها متشككون بمسدس دخان، لا ترتقي إلى أن تكون مسدس ماء. وكشفت الرسائل أن العلماء يمكن أن يكونوا ضيقي الأفق وحسودين وحقودين، ولكنها لا تشير إلى أي تلاعب بالبيانات، حسب ما أفاد به تقرير نشرته يوم الأربعاء لجنة بارزة داخل بريطانيا، كانت تنظر في أمر الرسائل الإلكترونية. وبرأ تحقيقان سابقان علماء المناخ من الخداع، وأكدا على صحة الوسائل التي يتبعونها.

ونعرف أيضا، بفضل الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي أن «درجة حرارة سطح البحر والأرض في العالم بصورة مجتمعة» كانت الأسوأ في مايو (أيار). بينما في الوقت نفسه، أوردت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي أن الفترة من يناير (كانون الثاني) حتى مايو (أيار) كانت أكثر درجات الحرارة دفئا منذ بدأ تدوين هذه البيانات في 1880.

لا، لا يكفي ذلك لإنهاء القضية. ولكن هيا نقترب من الواقع. حقيقة الأمر أنه لا يوجد كثير من الخلاف بين العلماء بشأن ما إذا كانت درجات الحرارة تزداد دفئا أم لا. وعلى مدار الأعوام المائة الماضية أو نحو ذلك، لدينا سجلات خاصة بدرجات الحرارة يمكن مقارنتها بدرجات الحرارة في الوقت الحالي. وعلى مدار القرون الماضية، لدينا أدلة غير مباشرة ولكن تفرض نفسها على أن العالم تزداد درجة الحرارة داخله.

هل يرجع ذلك إلى ما يقوم به البشر؟ من المؤكد تقريبا أن الأمر كذلك، ما لم يكن هناك خطأ جوهري في فهمنا للكيمياء والفيزياء. ويعرف العلماء كيف تعمل جزيئات ثاني أكسيد الكربون من أجل منع الحرارة من الخروج. ويعرفون - ليس من خلال التدخل ولكن من القياس المباشر لفقاعات الهواء الموجودة منذ وقت طويل في ثلج جليد القطب الشمالي والقطب الجنوبي - أن هناك نسبة أكبر من ثاني أكسيد الكربون في درجات الحرارة أكثر من أي فترة أخرى خلال نصف مليون عام ماضية، وربما خلال المليون عام المنصرمة. وأبسط تفسير للسبب الذي يقف وراء نسبة الكربون الكبيرة في الهواء يعود إلى أن البشر ينتجون ذلك من خلال استخدام الوقود الحفري. وهذا ما تغير.

ويتهم الخبراء الذين يفهمون هذه الظاهرة على أفضل وجه، في بعض الأحيان، بالمبالغة. ويبدو أن البعض منهم، عندما يتم تحديهم للدفاع عن بياناتهم أو نتائجهم، ينظر إلى هذا التدقيق كتهديد للحضارة البشرية وكل ما هو جيد وحقيقي وليس كجزء مهم وعادي من العملية العلمية. وعليه، نعم يوجد عدد قليل من الأغبياء في معركة التغير المناخي. ولكنك، تعرف نفسك. ولكن حقيقة أن بعض علماء المناخ غير مرغوب فيهم، لا تغير من الطريقة التي تتفاعل بها الطاقة والمواد على مستوى الجزيئات، ولا تغير أيضا من قراءات درجات الحرارة المتزايدة.

لقد حان الوقت لإنهاء «الجدل» السخيف بشأن حقيقة التغير المناخي. ويوجد سؤال أفضل: هل سيكون من المناسب بدرجة أكبر أن ننفق مثلا تريليون دولار لتقليل انبعاثات الكربون ومن ثم ننقذ الآلاف أو الملايين من الأرواح يمكن أن نفقدها بسبب الجفاف أو ارتفاع منسوب البحر؟ أم علينا إنفاق هذا المال لتقديم مياه نظيفة في أماكن مثل الكونغو أو بنغلاديش لإنقاذ حياة الآلاف أو الملايين من الأرواح حاليا؟

ربما تكون الإجابة أن علينا السعي من أجل تحقيق كلا الأمرين. ولكن هذا شيء على الأقل يستحق النقاش حوله.

* خدمة «واشنطن بوست»