تحدي قبضة شافيز داخل فنزويلا

TT

في إحدى المرات الكثيرة التي يظهر فيها على شاشات التلفزيون الحكومي، تساءل هوغو شافيز الشهر الماضي عن سبب عدم وجود غييرمو زولواغا، الذي يحوز أغلبية في آخر محطة تلفزيونية معارضة داخل فنزويلا، في السجن. وتساءل الرجل القوي: «كيف يمكن أن يتهمني بمثل هذه الأشياء، ولا يزال يمشي طليقا؟».

والإجابة بسيطة إلى حد ما، فتصريحات زولواغا عن شافيز يصعب أن تكون جنائية، ولم تتوصل تحقيقات الحكومة على مدى أعوام إلى شيء يمكن أن يستخدمه المدعون بصورة معقولة ضده. ومع ذلك، لم يكن هذا رد أتباع شافيز. وخلال أيام، أعيد فتح تحقيق ضد رجل الأعمال، ووجهت إليه تهم. وفي 11 يونيو (حزيران) أمر قاض بإلقاء القبض على زولواغا، وسجنه داخل أحد السجون ذات الإجراءات الأمنية المشددة في فنزويلا.

وفي ذلك الوقت، لم يكن مالك القناة الإخبارية «غلوبوفيجين»، الذي يبلغ من العمر 67 عاما، موجودا في البلاد. ومثلما فعل مالك حصة الأقلية في «غلوبوفيجين»، وهو رجل أعمال استحوذت الحكومة على مصرفه قبل ثلاثة أيام من أمر بإلقاء القبض عليه، بحث زولواغا عن ملاذ داخل الولايات المتحدة. وفي الأسبوع الماضي، كان زولواغا في واشنطن مع ابنه، الذي صدر أمر بإلقاء القبض عليه أيضا. ويفكر الاثنان في تقديم طلب اللجوء السياسي. وقال زولواغا في مقابلة معي: «لم أفكر يوما في أنني سأضطر إلى العيش في مكان آخر إلى جانب فنزويلا. ولكني لن أفيد أحدا لو كنت في سجن ذي إجراءات أمنية مشددة. وأعتقد أن المواطنين يعرفون أن جميع المؤسسات القضائية داخل فنزويلا يسيطر عليها الرئيس».

وتقدم قضايا زولواغا دليلا ملموسا على ذلك، فسرعان ما تم فصل القضاة الذين تجرأوا على الحكم لصالحه. ولفقت التهم بصورة فاضحة لتخدم رغبات شافيز. ولا تتعلق القضية التي أجبرته على العيش في المنفى بالانتقادات التي اشتكى منها رئيس الدولة ولكن تتعلق بزعم أن الإعلامي الذي يمتلك توكيل سيارات مدين باكتناز السيارات لديه، وهي تهمة مضحكة أسقطها المحامي العام التابع لشافيز قبل أن يسعى لإعادتها بعد «الأمر المتلفز».

ويكشف الهجوم على «غلوبوفيجين» عن يأس شافيز. وتعد فنزويلا الاقتصاد الوحيد داخل أميركا اللاتينية الذي يستمر في التراجع بدرجة كبيرة، وبلغت معدلات التضخم 30 في المائة، وترتفع فيه معدلات الجرائم العنيفة. وصرف «صحافيو زولواغا» قدرا كبيرا من اهتمامهم خلال الأسابيع الأخيرة إلى فضيحة تتعلق بفساد آلاف الأطنان من الطعام استوردها في الوقت الذي يوجد فيه عجز كبير في السلع الأساسية.

والشيء الأسوأ من ذلك بالنسبة لشافيز هو موعد انتخابات المجلس الوطني في 26 سبتمبر (أيلول). وقبل خمسة أعوام، جعلت مقاطعة حمقاء من المعارضة البرلمان مجرد كيان يقر ما يريده شافيز. وفي العام الحالي، وبعد أن توصلت إلى قائمة موحدة، تعتقد المجموعات المناوئة لشافيز أنه يمكنها الحصول على أغلبية المقاعد. وهذا ما تظهره الاستطلاعات بالفعل. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي ستقوم به الحكومة لسرقة الانتخابات؟

ويبدو أن إسكات «غلوبوفيجين» هو بداية الرد من جانب شافيز. وقال زولواغا: «من الناحية القانونية، لا توجد وسيلة يمكن للحكومة استخدامها من أجل إغلاق (غلوبوفيجين)». وأضاف: «ولكن لا يعني ذلك أنه لن يكون هناك حكم عشوائي، حيث يحاول شافيز بكل وسيلة السيطرة على شاشات (غلوبوفيجين). إنهم يريدون بث الخوف أكثر من الفوز بالانتخابات لأنهم يعلمون أنه نفد المال الذي يستخدمونه لشراء الأصوات».

ولا تخلو هذه الإجراءات الصارمة من مخاطرة، حيث تحظى «غلوبوفيجين» بشعبية ويشاهدها أكثر من مليوني شخص في فنزويلا. وتسبب قيام الحكومة بإغلاق «آر سي تي في» المعارضة عام 2007 في قيام مظاهرات بمختلف الأنحاء، وأنذر ذلك بميلاد حركة طلابية معارضة.

وقد قوبل الأمر بإلقاء القبض على زولواغا بإدانة دولية واسعة، ومن بينها إدانة مقرر الأمم المتحدة لحرية التعبير، ووزارة الخارجية الأميركية التي قالت إن ذلك يعد «النموذج الأخير على استمرار عدوان حكومة فنزويلا على حرية الصحافة». ويقول زولواغا إن «غلوبوفيجين» ستستمر في طريقها «وكأننا على الهواء للأبد». وأعرب عن أمله في ألا يستطيع شافيز القيام بالشيء نفسه. وقال: «أعتقد أن ما يحدث داخل فنزويلا لا يمكن أن يستمر. ولا أعتقد أن الناس ستقبل بأن تتدهور الأوضاع الحياتية. كيف يمكن أن يستمر ذلك؟».

* خدمة «واشنطن بوست»