الثريات الكادحة

TT

تحاول راشل بولونسكي أن تضع تاريخ روسيا الحديث من خلال سيرة فياتشلاف مولوتوف، أحد أقرب رجال ستالين، في كتاب بعنوان «مصباح مولوتوف السحري». قفز الرفيق مولوتوف الصفوف بالتآمر على سائر الرفاق. كان آخرهم تروتسكي الذي أرسل ستالين من يغتاله بمحرز ثلج، في منفاه في المكسيك.

كان الرفيق مولوتوف يحب كثيرا الكلام عن الطبقات الكادحة ومعاناتها وعن بطر الطبقات الغنية. وعندما أصبحت له شقته الخاصة في الكرملين ظل يتحدث عن الطبقات الكادحة ومعاناتها. ولكن، داخل الشقة يا عزيزي، كان هذا: سجادة عريضة في البهو، ذهبية شاحبة، على زهرية شاحبة، على رمادي شاحب، في قلبها رسم لشجرة سرو وورود وغزلان. هدية شخصية من شاه إيران!

وفي السقف ثريات مجنحة سوداء عليها مصابيح منحوتة. وعلى الجدران لوحات زيتية من القرن التاسع عشر. وفي الصدر مجموعة من المنحوتات العاجية، هدية شخصية من الرفيق التشرمان ماو. شغل الصين.

وفي مذكرات سفتلانا الليلوفا، ابنة ستالين، «سنة واحدة فقط»، تتحدث بازدراء عن ديكور البيوت التي كان يحتلها رجال والدها: «فائضة بالسجاد الغالي، والأسلحة القوقازية المصنوعة من الذهب والفضة»، كما تقول إنه عندما أصبح مولوتوف وزيرا للخارجية «بدأت ترد موجات من الهدايا، خصوصا من الدول الشقيقة والصين: مزهريات مرصعة، عاج منحوت، سجاد عجمي، مطرزات من يوغوسلافيا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا... وإنه لمن المستحيل تخيل أي ذهبيات لم تزين منازل قدماء الثورة».

كان الكاتب السوفياتي ماكسيم غوركي يعزو هذا التعلق بالترف إلى رغبات النساء: «ليس فقط في العالم الصناعي بل في كل الحضارات، السبب هو المرأة وما تطلق عنانه من قوى وإغراءات جنسية». وقال نيكولاي فيدروف إن «أبناء الجنس البشري مثل الطيور. فالأعشاش والأرياش الملونة تحولت إلى ثياب ومخادع، وهدفها واحد وهو التحفيز الجنسي».

وكتب صحافي بتوقيع زوريك (1926) أنه عندما انتقل زعيم الحزب الشيوعي سيرغي كيروف، من باكو إلى موسكو «لتطهير» الحزب من التروتسكيين، خصصت زوجته عربة كلاب كاملة لنقل كلابها. ورد ستالين على ذلك بأنه تشهير بالحزب والقيادة. وفي العام 1977 أمر بإعدام الكاتب وهو الصحافي فاسيلي لوكون. ومن منافيه كان تروتسكي يهاجم «اكتشاف الطبقة الحاكمة للترف» وزوجات الحزبيين الهائمات بالفراء والجواهر والعطور، معلنا بأن الثورة البلشفية بدأت تلد «أرستقراطية جديدة».

وفيما غيّر مولوتوف اسمه الأصلي إلى شيء يعني «المطرقة»، غيرت زوجته، وهي ابنة فلاح يهودي من القوقاز، اسمها إلى ما يعني «الجوهرة الصغيرة».