ورطة المرأة

TT

في مصر جرى جدل عريض حول موضوع النقاب، قبل فترة قريبة، بعد تصريحات شيخ الأزهر الراحل سيد طنطاوي عن أن النقاب «عادة لا عبادة» وأنه من حق الجامعات أن تمنع طالباتها من لبس أي شيء يخفي ملامح وجوههن. المعارضة المصرية ثارت عليه، خصوصا الإسلاميين وحتى غير الإسلاميين سواء من المحافظين من الناس العاديين، الذين اكتسبوا عادة البرقع أو النقاب مؤخرا، أو بعض أعداء النظام، أو حتى بعض جمعيات حقوق الإنسان.

في إيران تجند حكومة أحمدي نجاد عناصر الانضباط والأدب لفرض معايير معينة في لبس التشادور أو الغطاء الإيراني وخصل الشعر البارزة للمرأة..

في السعودية لا تنتهي معركة صحافية حول المرأة حتى تبدأ أخرى، حجابها، اختلاطها، قيادتها للسيارة، حكم تدريسها للأطفال المختلطين في المراحل الابتدائية الأولى، بيعها للملابس الداخلية للنساء، وظائفها...إلخ.

في الكويت الآن حديث عن جدوى تجنيد النساء في سلك الشرطة، بعدما اعتمدت الدولة قبولهن في أكاديمية الشرطة، وتحدث البعض عن تعرض شرطية أو أكثر للتحرش في بعض المجمعات التجارية من قبل شباب، ما دعاهن إلى الاستعانة بعناصر شرطة ذكور! وهذا أمر مثير للمفارقة والابتسام والرثاء في نفس الوقت. الحادثة - كالعادة في الكويت - تحولت إلى مادة جدل وانقسام سياسي، بين تيار ضد المرأة وتيار معها، وأحسن ما قرأت من ردود فعل حول الحادثة هو ما قاله أستاذ علم النفس التربوي بجامعة الكويت الدكتور بدر الشيباني لـ«العربية نت»: «إن الموضوع برمته يعزى إلى نظرة التعجب التي تصيب كل أفراد المجتمع الخليجي عموما والكويتي خصوصا عند رؤيته سيدة في زي عسكري». وقال أيضا إن الحادثة فردية لكنها ضخمت.

أينما ذهبت في هذا العالم، حتى في فرنسا حيث معركة النقاب وصلت البرلمان، وحيثما كان هناك جدل حول الحرية والمحافظة، التحديث والجمود، الإصلاح والركود، الانفتاح والانغلاق، الماضي والحاضر، وغير ذلك من لافتات الجدل الموحد، ستجد أن المرأة تحتل اللافتة الأولى.

المفارقة، كما يحلو لبعض النساء أو حتى الرجال أن يشيروا إليها، لأغراض متعددة، أن من يتحدث عن المرأة هم الرجال، سواء من يدعون لانفتاحها أو من يدعون لانغلاقها، وهذا ينطبق على كاتب هذه السطور، وعلى من سيرد معترضا من الرجال على دعوة الانفتاح في النظرة للمرأة!

طبعا هذه مجرد تلميحة، تقارب المزح، غير حاصرة للوصف، وإلا فهناك مثقفات ومتمرسات بشكل علمي في «مسألة» المرأة في العالم العربي، ولهن في هذا المجال إسهامات علمية وإعلامية وسياسية تغطي عين الشمس.

المرأة، ليست موضوعا محصورا في المتخصصين، إنها موضوع كبير ومتشعب، تكاد لا تجد سجالا وخلافا حول قصص الإصلاح والمحافظة في العالم العربي، إلا وتجد للمرأة ضلعا فيه، ولو من طرف بعيد.

فهل تورطت المرأة بنا أم نحن من تورط بها، أم كلنا تورطنا في لحظة تشويش تاريخية كبرى..؟!

[email protected]