تحقيق خاص حول أزمة سفينة «مرمرة»

TT

بعد مرور أسابيع على أزمة الأسطول، أنهى الجيش الإسرائيلي التحقيق الخاص به حول هجوم مجموعة من قوات الكوماندوز الإسرائيلية على «مافي مرمرة»، سفينة ترفع العلم التركي وتحمل مساعدات إنسانية كانت متجهة إلى غزة إلى جانب ست سفن أخرى. لقي ثمانية أتراك ومواطن أميركي من أصل تركي مصرعهم خلال الهجوم، وهو ما أدى إلى توتر العلاقات المهتزة بالفعل بين تركيا وإسرائيل.

وعلى الرغم من أن تحقيق الجيش يبرر الطريقة التي نفذت بها القوات الإسرائيلية العملية، فإنه يؤكد على بعض الجهود الاستخباراتية غير الكافية.

وأفادت نتيجة التحقيق: «من حيث الجهود الاستخباراتية، انتهى الفريق إلى أنه لم يتم تنفيذ جميع أساليب جمع المعلومات الاستخباراتية الممكنة بصورة كاملة، وأن التنسيق بين المخابرات البحرية والمخابرات العسكرية الإسرائيلية كان غير كاف». وتطرقت نتائج التحقيق أيضا إلى الحقيقة التي تقول إنه «لم يتم تقديم مسارات عمل ميدانية بديلة لصناع القرار في إسرائيل غير الصعود على متن الأسطول».

والآن تتجه الأنظار إلى لجنة التحقيق الإسرائيلية. عجلت هذه اللجنة، المؤلفة من خمسة قضاة بارزين؛ ثلاثة إسرائيليين واثنان من الأجانب، العمل لتقدم التقرير بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول) على أقصى تقدير. وستحلل هذه اللجنة العملية من حيث الإجراءات العسكرية ومن حيث توافقها مع القانون الدولي. ومن المتوقع أن يشمل التقرير تقييما للحصار الإسرائيلي على غزة.

ومن السابق لأوانه مناقشة التداعيات السياسية الممكنة للتقارير، بيد أنه في ظل الحقيقة التي تقول إنه لا يزال هناك تحقيق دولي محايد تم إطلاقه حول الهجوم، لا يزال يقف باعتباره اللجنة الوحيدة. وهذا هو السبب في أن الأميركيين يضغطون على الحكومة الإسرائيلية من أجل تقديم تقرير دقيق ومحايد. وإذا سألت الحكومة الإسرائيلية، فبكل تأكيد ستشيد بالقضاء لديها وستعرب عن ثقتها الكاملة في تقديمه تقريرا موضوعيا.

ومع ذلك، مهما تكن نتائج التقرير، فليس من المحتمل أن تصدر إسرائيل اعتذارا رسميا بالطريقة التي تتوقعها تركيا. وبالنسبة للتعويضات، استبعدت الحكومة الإسرائيلية دفع أية تعويضات للضحايا الذين ثبت ارتباطهم بحركة حماس. تقول إسرائيل إن ما لا يقل عن ثلاثة من القتلى كانت لديهم صلات بحركة حماس.

وعلى أية حال، سيكون لهذا التقرير أهمية في تشكيل العلاقات الثنائية بين الدولتين. وعليه، هناك شائعات بأن تركيا سترجئ تنفيذ خطة طريق تعج بالإجراءات ضد إسرائيل حتى يتم الإعلان عن التقرير. وهذا هو البعد الإسرائيلي للتحقيق في أزمة الأسطول.

ونحن مع الرأي بأن تركيا تحتاج إلى إجراء تحقيق خاص بها حول الحادث، حيث إن هناك عددا كبيرا من الأسئلة العالقة بشأن الحادث منذ البداية، عندما اختارت منظمة المساعدات الإنسانية الانضمام إلى الحملة الدولية لرفع الحصار عن غزة.

هناك قضايا كثيرة جديرة بالتحقيق، مثل شراء السفينة «مافي مرمرة» من بلدية إسطنبول، والسماح لها بالإبحار في المياه المفتوحة على الرغم من أنها سفينة ركاب تبحر فقط في بحر «مرمرة». والحقيقة أن أكثر من 50 فردا صعدوا على متنها من دون جوازات سفر، إضافة إلى وجهتها الأخيرة.

إلى جانب ذلك، على الجبهة السياسية، من المهم بالنسبة لنا لكي تتضح الصورة بالكامل، الإجابة عن سؤال متعلق باشتراك بعض أعضاء الحكومة وبعض أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم.

هل قامت الحكومة بمسؤوليتها في تحذير المواطنين من أن مثل هذه المبادرة من الممكن أن تتسبب في الخطر لهم؟ من يستطيع التغاضي عن صعود طفل حديث الولادة في الوقت الذي قرر فيه نحو 10 نواب من حزب العدالة والتنمية عدم الالتحاق بالمجموعة في الدقيقة الأخيرة؟ ألم يكن هناك أي أحد في وزارة الخارجية بمقدوره تحليل العواقب المحتملة لهذه المبادرة؟

ليست هناك حاجة لتكرار أن ما فعلته إسرائيل في 31 مايو (أيار) الماضي لم يكن فقط مذبحة، بل أيضا صورة من صور العنف الأعمى. ومن حق تركيا المطالبة بمساءلة إسرائيل: إصدار اعتذار ودفع تعويضات للضحايا. ومن حق تركيا أيضا إظهار رد الفعل على ما حدث والسعي إلى الثأر.

نعتقد، كدولة ذات مصداقية، أنه من مسؤولية الدولة إطلاق التحقيق الخاص بها بشأن الحادث لاكتشاف ما إذا كانت هناك أية أخطاء أم لا. لن يؤدي ذلك إلى تعزيز مصداقية تركيا فحسب، بل سيقود أيضا إلى إيقاف تحركات مستقبلية من شأنها تعريض المصالح القومية للبلاد للخطر. وإذا لم يتم ذلك، فإن التقييم المقبول على نطاق واسع بأن هذا التحرك كان في الحقيقة مدبرا من جانب الحكومة سيكتسب مزيدا من الأنصار في العالم.

* بالاتفاق مع صحيفة

«حرييت ديلي نيوز» التركية