الجنائيون الدوليون

TT

يسير سوء الطالع وحسن الحظ على خط متواز في حكم المشير عمر البشير على السودان. كل شيء في صيغة المثنى: يجدد في السلطة فتصدر المحكمة الدولية مذكرة جلب ثانية. يهدأ خطر الانفصال في دارفور، فيرتفع خطر الانحلال في الجنوب. يُصدر عفوا عن المهدي فيصدر أمرا باعتقال الترابي.

مضى زمن المفرد في الخرطوم، بعدما فك البشير الشركة الثنائية مع الدكتور الترابي، وراح يحكم وحيدا. لا تمضي فترة إلا ويأتي النكد من مكان ما، خصوصا من هذا المدعي الأرجنتيني الذي لا عمل لديه سوى إصدار المذكرات في حق الرئيس. وكلما أصدر مذكرة اضطر المشير إلى القيام بجولة محلية وأخرى خارجية، بحيث يغلي أوكامبو مياه المذكرة ويشرب زومها.

كلما جدد الشعب الولاء للرئيس تحركت أبالسة القانون الدولي. صحيح أن جميع قادة الأحزاب المعارضة قاطعوا الخيار الديمقراطي القاضي بالتجديد للنظام، لكن الشعب نفسه أصر على المبايعة، في حضور 60 مراقبا دوليا. مجرد ثنائية أخرى: الزعماء ضد، الشعب مع، صحيح ليس بنسبة 99% ولكن صوت الشعب واضح.

تقول أرقام الأمم المتحدة إن عدد قتلى دارفور يزيد على 350 ألفا، وعدد المشردين يقارب ثلاثة ملايين. ثم تسمي ذلك إبادة جماعية، في تدخل سافر في الشؤون الداخلية في السودان! ويعني ذلك أن يضطر البشير إلى جولات أخرى تؤكد مدى ولاء الشعب له، وإن كانت لا تفيد كثيرا في حماية وحدة السودان من المثنى الأسوأ: خطر الانفصال في دارفور وخطر الانحلال الأخير في الجنوب.

لقد نُصح نظام الخرطوم، من سذج هذا العالم، منذ اللحظة الأولى، بأن لا حل في دارفور إلا بحماية الناس لا بالحرب عليهم. وقال سذج كثيرون، إن وحدة البلدان تصاب باحتضان أهلها لا بمحاربتهم. وإلا تجددت آلام العراق وانتشرت. وبدل أن يأخذ كل ذي شكوى قضيته إلى العاصمة، ينصرف إلى إقامة عاصمة لنفسه.