رسالة لمحادثات الهند وباكستان في فيلم كوميدي عن بن لادن

TT

بعد يوم واحد من بدء وزير الخارجية الهندي إس إم كريشنا ونظيره الباكستاني شاه محمود قريشي استئناف الحوار الرسمي بين البلدين مجددا في إسلام آباد، الذي كان قد توقف تماما بعد الهجمات الإرهابية في مومباي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، يهدد فيلم هندي بعنوان «تيري بن لادن» (من دونك يا بن لادن) بخطف الأضواء بإطلاقه على الساحة العالمية.

لا تحتاج إلى إخبار أي فرد يعيش في جنوب آسيا بأن هذا الفيلم كوميدي، فهو محاكاة ساخرة للعالم الغربي لجعله بطلا زائفا من مقاول سعودي غني تحول إلى شخصية شريرة، وربما هو تأنيب سينمائي للذات للسماح لأنفسنا بأن نقيد بخطوط غير مضحكة لأسامة بن لادن في الحياة الحقيقية.

وبداية، يعد عنوان الفيلم «تيري بن لادن»، الذي يترجم باللغة الهندية/ الأردية في شبه القارة الهندية إلى «من دونك يا بن لادن»، بتوحيد رواد السينما في مقاعد التذاكر الرخيصة ومقاعد التذاكر عالية السعر عن طريق الضحك، وهو عنصر خطير للغاية بالنسبة إلى السياسيين المتعطشين إلى السلطة على أي جانب. وإذا كنت تستطيع الضحك على أخطر رجل في العالم، أسامة بن لادن، فاعتبر أنه تم بالفعل الفوز بمعركة الخير مقابل الشر.

وتعد قصة الفيلم نفسها إحدى قصص الأفلام في جنوب آسيا، حيث تدور حول صحافي شاب وطموح من كراتشي بباكستان في حاجة ماسة إلى الهجرة إلى جنة الغرب، الولايات المتحدة، لكن في كل مرة، قوبل طلبه للحصول على التأشيرة بالرفض رفضا قاطعا من جانب أفراد يتحدثون بلكنة العالم الأول. إلا أن هذا الشاب رفض التخلي عن حلمه الذي انتظره طيلة حياته، والمتمثل في أن يعيش حياة طيبة، وقرر تزييف سبق صحافي مع شبيه لأسامة بن لادن. وأنتج مقابلة مرئية مع أخطر رجل في العالم وأرسلها إلى الكثير من القنوات الإخبارية. وعلى الجانب الآخر، تجد أن بطل الفيلم علي ظفار مطرب شعبي باكستاني، في حين أن الفيلم نفسه تم تصويره وإخراجه في مومباي، التي وقعت فيها الهجمات الإرهابية المروعة في شهر نوفمبر من عام 2008، والمخرج هو أبهيشك شارما (وعد المنتجون بالاهتمام بتغيير مواقع التصوير في كراتشي)، كما أن هناك نجوما آخرين مثل راهول سينغ وبيوش ميشرا وباري جون والثلاثي شانكار وإحسان ولوي، وهم مزيج حقيقي من الدين والطبقة الاجتماعية والعقيدة.وبعبارة أخرى، فإنه على الرغم من أن الغضب والعداوة الناتجين عن هجمات مومباي في الهند، فإن الباكستانيين والهنود العاديين يرغبون في النظر بعيدا عن البعد الوحيد للإرهاب الذي يفرق بينهم، ويركزون كثيرا على اللغة والثقافة التي تجمع بينهم.

ولسوء الحظ، يرسل حظر باكستان لهذا الفيلم خلال الـ24 ساعة الماضية رسالة خوف، بيد أن الفيلم نفسه لديه شعار واحد: يستطيع الإرهابيون أن يقتلوا، لكن الضحك في الفيلم سيضمن أنهم لن ينتصروا أبدا.

أتمنى لو أنصت إس إم كريشنا وشاه محمود قريشي، وزيرا خارجية البلدين. ففي عشية المباحثات بينهما، كانت الحكومتان هادئتين على غير العادة بشأن الوعود والتوقعات. ويؤدي الحديث عن «ضعف الثقة» إلى تعكير الأجواء، كما هو الحال مع الشعارات (من دلهي) التي تقول إن باكستان «يجب عليها فعل المزيد» من أجل مكافحة الإرهاب ضد الهند.

تريد الهند من باكستان اتخاذ إجراءات ضد الأفراد الذين دبروا الهجمات الإرهابية في مومباي وأن تفي بوعدها - الذي أكد عليه الرئيس السابق برويز مشرف - بأنها لن تسمح بأي هجمات إرهابية ضد الهند. وتشعر الهند بأن باكستان تتبنى معايير مزدوجة بشأن الإرهاب، حيث إنها تتخذ تحركات قوية ضد المسلحين الذين يحاربون الدولة الباكستانية، مثل حركة «تحريك طالبان باكستان» في أودية سوات ومالاكاند، في حين أنها ترفض اتخاذ أي تحركات ضد الجماعات المناوئة للهند مثل «عسكر طيبة»، وهي الجماعة الرئيسية المتهمة في هجمات مومباي.ومع ذلك، يبدو أن المزاج في باكستان بدأ يتغير بالفعل، فمثل مشاركة علي ظفار الجريئة في محاكاة ساخرة حول أسامة بن لادن، بدأ الباكستانيون في الاعتراض وتوجيه السؤال التالي: ما الذي حدث في الدولة الجديدة التي أسسناها عام 1947؟ وفي جمهورية باكستان الإسلامية، يقول المواطنون العاديون الآن: مزيد من المسلمين يقتلون بعضهم، باسم الديانة نفسها التي يدينون بها.وعندما يعثر الإرهاب على المزيد والمزيد من الأهداف في الداخل، فإن العدو في الخارج، يطلق عليه الجيش الباكستاني - الهندي، قد يصبح أحد عناصر التشتيت الثانوية.

ومهما تكن نتائج المباحثات بين الوزيرين - فتح نظام تأشيرة الدخول، وتشجيع التجارة، وإطلاق السجناء في سجون الدولتين، وحتى إعادة الصيادين الذين دخلوا عن غير قصد المياه بين الدولتين نظرا إلى أن بحر العرب كما نعرف ليس به حد فاصل - فإن حقيقة أن الحكومتين بدأتا استئناف الحوار مجددا لها قيمة كبيرة. وسينتقد الكثيرون ذلك ويقولون إن هذه المبادرات ترقى إلى إيماءات صغيرة حقا، وإن السياسيين في الهند لم يكونوا مرة أخرى شجعانا بالدرجة الكافية للتوصل إلى تسويات بشأن القضايا الأكبر، مثل نهر سياشن الجليدي وقضية سير كريك. والقضية الأولى هي نهر صغير في منطقة ران كوتش بين الهند وباكستان، ونمت أهمية هذه المنطقة بسرعة لأنها تحتوي على طبقة قارية. والقضية الثانية متعلقة بجبل جليدي سيطر عليه الجنود الهنود منذ عام 1984، ويموت فيه الجنود من البرودة والجليد لا من طلقات النيران. ولا يهم ذلك، فإذا تم تخفيف القيود على أنظمة التأشيرات، فسيكون ذلك في الحقيقة يوما مشهودا. يجد مئات الآلاف من الأسر المسلمة، المنقسمة بتقسيم شبه القارة عام 1947، أنه من المستحيل شراء تذكرة إلى كراتشي أو لاهور أو دلهي، لأن التأشيرة أصبحت مثل الغبار السحري، فمن المستحيل عمليا الحصول عليها، وإذا توافرت فإنها تكون مقتصرة على مدن بعينها ولفترات زمنية محددة.

ويجب أن يكون الوقت قد حان لإنهاء مثل هذه المهزلة البيروقراطية الطائشة. ولا يحتاج الإرهابيون في الحقيقة إلى تأشيرات دخول، سواء الذين جاءوا إلى مومباي أو الذين تسللوا إلى وادي كشمير خلال العقدين الماضيين.

وهذا هو السبب أهمية استئناف الحوار الرسمي. ميدان المعركة بين الهند وباكستان واسع ومليء بالألغام. لكن إذا كان على علي ظفار وأبهيشك شارما تقديم الموسيقى والأفلام معا، فمن الممكن تغيير جزء من انعدام الثقة العميق بين الجانبين، بل ويجب تغيير ذلك.

* كاتبة هندية