ويلهم من أطفالهم

TT

ألح عليّ ابني عبد العزيز أن أشاهد مقطع فيديو على يوتيوب يشرح الخلل في تليفون آي فون 4 الجديد، خصوصاً أن هناك هوساً حول هذا الجهاز الجديد، وتحديداً لدى الصغار. شاهدت مقطع الفيديو حيث كان مسؤول شركة آبل يشرح الخلل في الجهاز الجديد ويقدم شروحات مصاحبة لما يقوله حتى قام بمقارنة الخلل في الاستقبال في جهاز آي فون 4 الجديد مع جهاز بلاك بيري، حينها قال مسؤول آبل إنه حتى في حال تم الإمساك بجهاز بلاك بيري من الناحية اليسرى للجهاز فإن إشارة الاستقبال سوف تنقطع، وبالتالي فهي نفس المشكلة التي تواجه جهاز آبل الجديد.

حينها قفز ابني وجلب لي جهاز بلاك بيري وقام بتجربة ما قام به مسؤول آبل، ونظر اليّ وقال «معقولة، إنه لا يقول الحقيقة»، فمن خلال التجربة ثبت أن المقارنة غير دقيقة بين آي فون 4 وبلاك بيري، حينها لم أتمالك نفسي من الذهول والضحك، وأول ما خطر في بالي المسؤولون العرب، وقلت في نفسي: ويلهم من أطفالهم!

فهذا جيل يدقق، ومتقدم في المعرفة الحديثة، أي التكنولوجيا، ولا يقتنع بسهولة على الإطلاق، بل ولا ينبهر بما يسمعه ويقول له الكبار، وذلك لسبب بسيط؛ فهذا الجيل أول ما يفعله عندما يسمع عن شيء جديد هو الهرولة الى عالم الإنترنت لتقصي أكبر قدر ممكن من المعلومات، التي تعتبر له، أي الطفل، حقائق، فأطفال اليوم يثقون بـ«العم غوغل» أكثر مما يثقون بالتلفاز، ناهيك عن الصحف، وهل قلت المعلم والمعلمة؟ بالتأكيد لا، بل نسمع بعض الآباء والأمهات يقولون «أبنائي هم من يساعدونني في التكنولوجيا: الجوال، الكومبيوتر، البلاك بيري، الآي فون»!

القضية ليست قضية تفوق طفل على الآخر، بل لدى كل الأطفال، وإذا كان طفلك ليس كذلك فإنه يتأثر بطفل آخر، قريب، أو صديق، ينقل له من عالم «العم غوغل».. فقط دقق ولاحظ، وأهمية كل ذلك أن على قطاع التعليم، والحكومات، وأيضاً من يدعون حراسة الفضيلة أن يستوعبوا أن هناك جيلا كاملا يتشكل بعيداً عن عالمنا الافتراضي.. جيلا لو أحسنا تنمية معارفه وصقلها من وقت مبكر من شأنه أن يساعدنا على التفوق، وإن أصررنا على تجاهله فهذا يعني أن الهوة ستكبر بيننا وبينه، وستصبح مشاكلنا أكثر تعقيداً في المستقبل. إنه جيل لا يقبل «الفرمانات»، والمبررات الواهية، بل يقبل الإقناع، ولا يتوانى عن قول: «أوه إنه لا يقول الحقيقية».

فالمشكلة أن كثراً لا ينتبهون أن أكثر من يسبب الصداع للأجهزة الأمنية على الإنترنت، في عالم الاختراق والهاكرز، هم الأطفال «الهواة»، وليس المحترفين.

فهل انتبهنا مبكراً، بدلا من محاربة طواحين الهواء؟ هنا السؤال.

[email protected]