أيها الأطفال ابكوا على راحتكم!

TT

مفاجأة: أعلنت بريطانيا أنها لن تسمح لأطفال شرنوبل بزيارة بلادها - أي الأطفال الذين أصابتهم الأشعة النووية الصادرة من المفاعل الأوكراني. لماذا؟ خوفا على أطفالها. ومعنى ذلك أن هؤلاء الأطفال لا يزالون مصدرا للضرر.. وأن لهم إشعاعا نافذا ضارا. لهذه الاعتبارات الإنسانية رفضت بريطانيا السماح لهم بالزيارة.

ولو عرفت بريطانيا حالي ما أدخلتني مطار هيثرو. ففي العام الأسبق ذهبت إلى أوكرانيا، وكانت حرارة الشمس أقوى من احتمالنا نحن الأفارقة. ولكن كانت لها حكمة، فالشمس تطلع في السماء ووراءها فساتين البنات الصغيرات. إنها معاهدة سرية: ترتفع الحرارة وترتفع الفساتين عن أجمل سيقان خلقها الله في القارات الخمس.

سألت: متى تخف حدة الشمس؟ فقالوا: أنت متضايق؟ قلت: لا والله، إنني أعدّ الأيام فقط.

ولما ذهبت إلى مدينة كييف العاصمة سألت هل أنا ضار صحيا أو هل أنا مصاب بانتفاخ نووي. لقد ذهبت إلى ما يقرب من مائة كيلومتر من مفاعل شرنوبل، وقد نصحني كثيرون أن لا أفعل. وتمنيت أن يساعدوني على أن أقترب أكثر لأرى أوضح.. فقد أدى هذا الانفجار إلى إبادة الحيوان والنبات.. وإلى ظهور كائنات قد أربكت برامجها الخلقية، كأن يظهر للحيوان رأس وستة أرجل، وأن يظهر له عين واحدة كبيرة، وأن يتغير لون بشرته تماما.. حتى النباتات هي الأخرى أصابها ارتباك فظيع: اللون والطول والعرض والثمار، كل ذلك تغير في مساحة عند نحو مائة كيلومتر طولا وعرضا.. بل إن الطيور التي كانت مهاجرة وتوقفت بعض الوقت قد أصابها ارتباك شديد في برامجها الخلقية والحياتية. إن عفريتا، بل ألف عفريت، قد لخبط كل شيء.. وهذا ما دفع بريطانيا إلى أن تقول: لا.. دون النظر إلى دموع الأطفال الذين جاءوا من أقصى شمال أوكرانيا ليروا جسر وساعة بيغ بن.. حتى دموع الأطفال معدية، وقد أعدت لهم بريطانيا أكثر ما يحتاجون إليه من المناديل الورقية ليبكوا على راحتهم!