الحمار النافيغيتر

TT

شكرا للأخ سفيان الخزرجي من السويد في تعليقه على موضوع الحمير وما يستذكره عن حمارتهم التي كانت تنقل لهم حاصلاتهم الزراعية إلى سوق المدينة وتعرف طريقها حتى في الليل. لا أدري يا عزيزي سفيان لو كان عندكم حمار ذكر وليس حمارة. فنحن نعرف أن الإناث يعرفن طريقهن إلى السوق دائما. ما من شيء على وجه الكرة الأرضية أقرب لقلب الأنثى من السوق.

لحكايات الحمير في معرفة طريقها سجل تاريخي طويل. كان من أطرفها ما سمعته عن ماجن متهتك عاش في المدينة المنورة في عهد الأمويين. تضايق الجمهور من عبثه فشكوه إلى القاضي فحكم عليه بالنفي إلى مدينة الطائف. افترق عن صحبه لسنوات حتى التقى أحدهم. سأله عن أحوالهم فقال: نفتقدك. فمن يوم رحيلك فقدنا كل أنس في الحياة. وهو ما حصل لنا جميعا مع الوزير الصحاف الذي كان يؤنسنا بتصريحاته الفذة عن انتصارات صدام حسين. الآن لا تسمع من بغداد غير هذا الكلام الهايف الثقيل الدم، وطبعا الفتاوى.

أجابهم الرجل: يا أولاد الحلال، تعالوا إلى الطائف لنجدد ليالينا الملاح. اكتروا بعض الحمير بنصف درهم. اركبوا وتعالوا. فعلوا ذلك وعادوا إلى سابق سلوكهم. فعاد الناس للتضايق منهم وأعادوا شكواهم إلى القاضي. نادى عليه لمقاضاته. فأنكر وقال: لا خير. لا أحد يأتي إلي. فقال القوم: يا حضرة القاضي، هذا رجل يكذب. وهي مسألة سهلة للتحقق منها. أطلقوا الحمير من المدينة وانظروا إلى أين ستتجه ولأي بيت تذهب.

فأجاب المتهم وقال: يا حضرة القاضي، تريد منا أن يضحك علينا أهل العراق ويقولوا إن القضاة في الحجاز يأخذون بشهادة الحمير؟

بيد أن للعراقيين حكاية أبلغ تتعلق بقيادة الحمير. فمن أساليب سير القوافل في الشرق الأوسط أن يضعوا حمارا في رأس القافلة لتتبعه الإبل. قرر تاجر أن يتقاعد ويسرح هذه الجمال. جمعها وألقى كلمة اعتذر فيها عن تسخيرها كل هذه السنين الطويلة. فأجابه كبيرها وقال: يا سيدي نغفر لك كل ذلك، كل ما عانيناه من تعب وجوع وعطش، ولكنّ شيئا واحدا يصعب علينا أن نغفره لك. كيف تجعل حمارا حقيرا يمشي أمامنا ويقودنا ونحن نتبعه؟ هذا ما لا نغفره لك. فأجابهم التاجر: يا معشر الإبل، هذا لأنني أجلّكم، ففي هذه الديار لا يسمحون لأحد بالقيادة لغير الحمير.

لا بد أن أشكر أيضا السيد عدنان أبو علي الذي كتب لنا يقول إن الحزب الديمقراطي في أميركا اتخذ الحمار شعارا للحزب. ولكن هل تعرف يا أخي عدنان لم فعلوا ذلك؟ هذا لأن الحمار يعرف الطريق إلى النفط. ينزلونه في مدينة ما فيقود شركات النفط لكل مصادر الوقود. وهكذا أعطى الناخبون أصواتهم لهذا الحزب. وهذا على عكس الحزب الجمهوري الذي جعل الفيل رمزه وحيوانه المفضل، فالفيل حيوان نشأ وتربى في الهند ولا يعرف شيئا عن دروب النفط. معرفته محصورة بالكاري والفلفل، وهذا لا ينفع الأميركيين الذين يفضلون الطماطم كتشاب.