فيروز.. هل حقا ما يحدث؟!

TT

أهم مثلث أطل على حياتنا الفنية العربية، هو المثلث الذي تشكلت أضلاعه من فيروز، وعاصي، ومنصور الرحباني، الذي اعتبره المفكر الكبير توفيق الحكيم «إنقاذا لتراثنا الكلاسيكي من البلادة»، ولم يتبق اليوم من أضلع هذا المثلث سوى أبرز عناوينه، فيروز، التي اعتبرها الشاعر نزار القباني «رسالة حب من كوكب آخر»، وقال عنها الشاعر محمود درويش بأنها التي «تجعل الصحراء أصغر، والقمر أكبر»، ونعتها سعيد عقل بأنها «سفيرتنا إلى النجوم»، ووصفت صوتها آنا كورسك، مغنية الأوبرا المجرية، بأنه «نسيج وحده في الشرق والغرب».

وقصة انضمام فيروز إلى هذا المثلث قصة عجيبة، فالمرة الأولى التي التقت فيها فيروز بعاصي الرحباني - زوجها في ما بعد - نفرت منه، وتمنت على أستاذها حليم الرومي أن يجنبها التعامل معه، لكن الرومي كان له رأي آخر، فلقد استشرف بحسه الفني ما يمكن أن يضيفه عاصي إلى فيروز، وما يمكن أن يضيفه صوت فيروز بالنسبة لإبداعات عاصي الموسيقية، فصدق عليها القول: «ما محبة إلا بعد عداء»، فلم يقتصر ارتباطها بعاصي فنيا، بل ارتبطت به عاطفيا، وغدت زوجته التي عاش معها أكثر سنوات العمر إشراقا وعطاء وتألقا، وشكلا مع منصور الرحباني تكملة أضلاع المثلث.

اليوم تعيش فيروز حالة حصار فني بسبب دعاوى قضائية حول ميراث الرحباني، وهذه الدعاوى تصيب فيروز بالصمت، وصمت فيروز بالنسبة لعشاقها قضية لا يطاق لها صبر، فكل شيء إلا صوت فيروز، فإن صمتت فيروز فمن يغني لـ«زهرة المدائن» و«جبل الغيم الأزرق» و«قمر الندى والزنبق»؟!

فيروز اليوم في لبنان عناوين الأحاديث، وفاتحتها، ومنتهاها، فيروز اليوم قضية الصحافة، ومعزوفة الكتابة، فيروز اليوم سؤال حزين يبحث عن إجابة، وحينما يجتمع الآلاف يوم الاثنين القادم في اعتصام صامت في بيروت تضامنا مع فيروز، واحتجاجا على منعها من الغناء، لن يكون هناك صوت سوى صوت فيروز يغني:

«وطني يا جبل الغيم الأزرق

وطني يا قمر الندى والزنبق

يا وجوه الـ بيحبّونا

يا تراب اللي سبقونا

يا صغير ووسع الدني

أنا على بابك قصيدة

كتبتها الريح العنيدة».

[email protected]