إيران.. عذر أقبح من ذنب

TT

يبدو أن مسلسل الباحث، أو العالم الإيراني، شهرام أميري، لم ولن ينتهي؛ حيث بات كالمسلسلات المكسيكية الطويلة، فها هي طهران تقول، نقلا عن مصدر إيراني رسمي لم تسمه وكالة «فارس» الإيرانية، إن شهرام كان عميلا مزدوجا استطاعت إيران أن تخترق من خلاله عمل الاستخبارات الأميركية. وبحسب المصدر الإيراني، فقد حقق أميري نصراً غير مسبوق حين استطاع التعرف على رقمي لوحتي سيارات تابعة للاستخبارات الأميركية، فيا لها من سخرية! فماذا لو كانت الأرقام مفبركة مثلا؟ وماذا يعني هذا الاختراق العظيم؟ فهل ستبلغ طهران وحدات مرور فرجينيا مثلا لإلقاء القبض على تلك السيارات؟ فعلا عذر أقبح من ذنب!

لكن المهم في الإعلان الإيراني عن أن أميري كان عميلا مزدوجا، ولو من باب الدعاية الإيرانية، أنه ينسف قصة أميري الخيالية حول قصة اختطافه من المدينة المنورة، وهي القصة التي أراد أميري، وقبله الإيرانيون، الترويج لها وتصويرها على أنها تعاون سعودي - أميركي لاختطافه في المدينة المنورة، والواضح أن جميع الروايات المتضاربة - وأهمها التصريح الإيراني الأخير بأن أميري عميل مزدوج - قد نسفت قصة اختطافه الخيالية من المدينة المنورة، وتخديره بإبرة، وشحنه إلى الولايات المتحدة، مثل أفلام الإثارة الأميركية.

بمقدور الدعاية الإيرانية أن تشوش على شريحة عريضة من أبناء الشعب الإيراني، لكنها لا تستطيع الضحك على من سافر لأميركا ولو للسياحة. فكل من سافر إلى العاصمة الأميركية يعرف أنه ما إن يعبر مقاطعة كولومبيا، مرورا بفرجينيا من خلال منطقة ماكلين، أو طريق 123، فإنه سيعبر بجوار المقر الرئيسي للاستخبارات الأميركية المسمى باسم جورج بوش الأب. بل إن المضحك في توقيت الإعلان الإيراني عن كون أميري عميلا مزدوجا، وقام باختراق الاستخبارات الأميركية، أنه يأتي في الوقت الذي قامت فيه صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية بالكشف، من خلال ثلاث حلقات صحافية، في الأسبوع المنصرم، عن تحقيق صحافي تم إعداده على مدى عامين باسم «أميركا السرية»، وهو تقرير يكشف حجم توسع وانتشار الأمن الأميركي بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية عام 2001، بالصور والأرقام، وهي معلومات لا يستطيع جيش من الجواسيس الأجانب اكتشافها، وليس شهرام أميري!

ولذا فإن ما تقوله طهران عن شهرام أميري لا يعدو كونه مجرد دعاية، وبروباغندا مفضوحة، وعذرا أقبح من ذنب، يؤكد لنا صعوبة تصديق رواية طهران عن اختطاف أميري من السعودية.

[email protected]