رئيس يتعثر عند مواجهة المفاجآت

TT

إذا كنت ترغب في التعرف على ما يمثل صعوبة أمام إدارة الرئيس باراك أوباما، فكّر فيها على أنها رئاسة «السيناريو المحدد سلفا».

لقد كان أوباما جيدا جدا في تتبع الملقن العقلي الخاص به، حيث مرر مشروع الرعاية الصحية والكثير من أجندته التشريعية التي تعهد بها خلال حملته الانتخابية بينما كان مناصروه يضغطون من أجل ذلك. ولكنه حقق نجاحا أقل في التعامل مع الأحداث الديناميكية المفاجئة التي تعد جزءا من طبيعة الحكم.

وبالنسبة إلى سياسيين حقيقيين، مثل ليندون جونسون وبيل كلينتون، فإن هذه الأحداث المفاجئة هي ما تضفي إثارة على المنصب لأنها تغمس الرئيس في معترك السياسة على الحقيقة. وفي المقابل، يبدو أن أوباما ومستشاريه يتجنبون هذه اللحظات كلما أمكن، وعندما يحدث ما لم يكن في الحسبان، مثل حادث تسرب النفط في بئر تابعة لشركة «بي بي» والاتهامات الزائفة «بالعنصرية» ضد شيرلي شرود، دائما ما يتعاملون مع العاصفة الإعلامية بصورة خاطئة.

ولكن ما الذي يفسر هذا العجز؟

تحدث أوباما خلال حملة 2008 عن رغبته في النأي بالسياسة عن الخلافات. ولكن بعد مرور 18 شهرا على ولايته الرئاسية، بدأت أتساءل: هل يكره أوباما السياسة في ذاتها – وأعني العملية الفوضوية لمعالجة القضايا وعقد صفقات غير نزيهة من أجل أهداف نبيلة.

قال شخص يعرف أوباما جيدا قبل أشهر قليلة إنه يقدر أن الرئيس لا يحب البيت الأبيض. ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» مقالا يقول إنه من المحتمل أن يكون أوباما أكثر سعادة داخل المحكمة العليا منه داخل المكتب البيضاوي. وعبّر المسؤول بإيماءة رأسه. وقال: «هذا صحيح».

معروف أن البيت الأبيض الحالي لا يحب المفاجآت. ويعقد الرئيس عددا قليلا جدا من المؤتمرات الصحافية، والمؤتمرات التي يعقدها تفتقد إلى الحيوية، وفيها القليل من التلقائية التي تساعد البلاد على التعرف على رئيسها. ويتصل أوباما بقائمة مختارة من الصحافيين، وتكون الإجابات أطول مما ينبغي وانتقائية. ودائما ما يتحلى بالذكاء ومستعد ولكن من النادر أن يتصرف على سجيته.

ولا يجري الرئيس الكثير من المقابلات غير المكتوبة أيضا. وربما يجري البيت الأبيض واحدة عندما يريد طرح سياسة أو فكرة معدة مسبقا. ولكن يتجنب أوباما جلسات مفتوحة ربما تهدف الإمساك بخطأ يرتكبه أو قضية خارج نقاط الحديث.

ويأتي ذلك على نقيض البيت الأبيض إبان الرئيس جونسون، مثلما وُصف في سيرة ذاتية جديدة ممتازة لتشارلس بيترز، المحرر القديم لدى «واشنطن مانثلي». ويذكر بيترز سمات «شخصية جونسون القوية» التي لم تكن جذابة بدرجة كبيرة. ربما كان جونسون وحشا، ولكن كما ذكّرنا بيترز كان سياسيا ذكيا. وكان يحب أن يتصارع مع الناس والأحداث. نعم، لقد أفرزت رئاسته بعض الكوارث، وعلى رأسها فيتنام، ولكنه قدم البيت الأبيض كرائد لحركة الحقوق المدنية بصورة بدأت تعالج الظلم العميق.

لقد طلبت من مسؤول آخر في الإدارة أن يصف الطريقة التي يتعامل بها أوباما مع قضايا الأمن القومي الحساسة. وبصورة عامة، أثنى المسؤول على ذكاء أوباما ودقته التحليلية. وقال إن الشيء الغريب هو أن أوباما لا يسأل غالبا «أسئلة رئاسية». وكان يعني بهذا أن أوباما نادرا ما يخرج عن نقاط التقرير المكتوبة ليسأل: «لماذا نقوم بذلك؟»

وهنا يكمن ما آمل فيه، كشخص يريد أن ينجح أوباما: انتهاء السيناريو المكتوب في نوفمبر (تشرين الثاني). من المحتمل بصورة متزايدة أن تكون خسائر الديمقراطيين داخل مجلسي الشيوخ والنواب كبيرة. ولذا فإن «المحافظة على الرسالة» و«البعد عن الدراما» لن يمثلا خيارات مناسبة في البيئة السياسية التالية لذلك.

وعلى افتراض أن أوباما يرغب في ولاية ثانية (وهو أمر غير واضح حتى الآن)، فإن الرئيس سيبدأ حتما حملة انتخابية لإعادة انتخابه في 2011. ومن المفترض أن يخرجه ذلك عن نطاق المكتوب أيضا، ما لم يحاول مستشاروه بحمق أن يديروا الحملة الانتخابية من خلال صور وفعاليات مجهزة مسبقا.

من الممتع مشاهدة دنيا السياسة على الحقيقة، على عكس السيناريو المكتوب سلفا. يسمو السياسيون داخل المناصب من خلال التعامل مع الأمور غير المتوقعة، وهذه هي الوسيلة التي تجعل المواطنين يعرفونهم بصورة أفضل ويحبونهم أكثر. ولذا، يا سيادة الرئيس.. تخلَّ عن النقاط المحددة خلال الحوارات، وتكلم فقط.

* خدمة «واشنطن بوست»