عظمة يا رسول الله!

TT

كنت حريصا جدا على قراءة الكتب التي تصدرها الدول الشيوعية في أي موضوع، لأن أسلوبها هو السهل الجميل الذي يفهمه أقل الناس ثقافة. وكنت أقرأ وأتفرج على المعاني كيف تختار أبسط الكلمات. إنها مقدرة فذة لأدباء ومفكري الدول الشيوعية..

وكذلك يفعلون في كل العلوم الإنسانية. وأنا أحب هذا النوع من الكتابة.. فقد تخصصت في دراسة الفلسفة، وكان عندي إحساس دائم بأنني لست مفهوما أو أنني أخشى ذلك. وكنت أعطي مقالي للخادم الواقف أمام بابي لكي يقرأه. ويقرأ، وكثيرا ما قال إنه لم يفهم. ولم يكن العيب فيّ ولا فيه، وإنما الموضوعات شاقة وتبسيطها يحتاج إلى جهد كبير. وفي أحيان كثيرة يتوقف العقل، لأن المرحلة التالية أكبر من العقل. ولكن المهم أنهم يجدون ما يقرأونه.

ويبهرني الآن ما تفعله هيئة الفضاء الأميركية. إنها تقدم علومها واكتشافاتها للأطفال وللشبان الصغار.. وقد أدمنت هذا الجانب من المعرفة وأعجبني هذا الأسلوب الجاد في مخاطبة الصغار. فالصغار لهم أسلوب، والمتخصصون لهم أسلوب، وعامة الناس لهم أسلوب. الله الله. ويحدث كثيرا جدا أن أجد نفسي بين الصغار وبين الشبان نقرأ ونفهم..

وأصحاب الرسالات السياسية والتعليمية الكبيرة وكذلك الدينية لديهم هذه القدرة الفذة على أن يقتربوا من الصغار وأن يستدرجوهم إلى أصعب القضايا في الفيزياء والكيمياء. لأن الباحث والعالم يجب أن يتكلم إلى الناس على قدر عقولهم.. وليس على قدر عقله هو..

يقال إن رجلا ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: صف لي الجنة، فقال النبي: فيها فاكهة ونخل ورمان. وجاء رجل آخر إلى النبي يسأله: صف لي الجنة يا رسول الله، فقال له: سدر مخضود وطلع منضود وفرش مرفوعة ونمارق مصفوفة. وجاء رجل ثالث: صف لنا الجنة يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين. وجاءه رجل رابع: صف لنا الجنة يا نبي الله فقال: فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

فقالت له السيدة عائشة: ما هذا يا رسول الله؟ فقال لها صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم!

وهذه هي العظمة يا رسول الله..