كيف تتحول النمرة إلى أرنب؟!

TT

سوف أحكي لكم هذه الواقعة التي لا دور لخيالي فيها، لكنها حصلت فعلا، أرجوكم لا تسألوني أين، ومتى، ومع من!.. فلست مكلفا ولا مخولا أن أجيب عن مثل هكذا تساؤلات، والأمر الوحيد الذي من الممكن أن أفصح عنه هو أن تلك الواقعة كانت في الخارج بعيدا عن أي بلد عربي، والهدف من إيرادها هو إثبات أن المرأة تستطيع أن تتبدل من حال إلى حال في (غمضة عين).

يقول لي بطلها وراويها: رجعت إلى منزلي ذات مساء وكنت منشرحا ومتسع الخاطر على غير عادتي في أغلب الأحيان، عندما أعود من عملي متعبا ومتبرما.

وحيث ان زوجتي امرأة ذكية ولماحة - أو مثلما يقولون: (تفهمها وهي طايرة) - فقد لفت نظرها سروري الطارئ هذا، خصوصا عندما سمعتني أردد مقطعا من أغنية عاطفية.

فقالت لي بكل خبث: أسعدنا معاك الله يسعدك، أكيد عندك شيء، فأنت اليوم (ما أنت على بعضك)، ولست كعادتك.

أجبتها وأنا أضحك وأزيد بذلك المقطع من الأغنية قائلا: إنني التقيت اليوم بامرأة مميزة ولا كل النسوان. بهتت من صراحتي وتركت ما بيدها وهي غير مصدقة لما أقول، غير أنها تمالكت أعصابها واستجمعت قواها تريد أن تستجرّني وسألتني: حقا، وأين التقيتها؟!

قلت لها: في المترو، وقد سألتني تلك المرأة: هل تتكلم الإنجليزية؟! وعندما أجبتها بنعم، تبسمت وكأنها تقول لي: الله جابك. المهم أنها استفسرت مني عن كيفية الوصول إلى محطة معينة، فقلت لها إنني سوف أنزل في تلك المحطة بالذات، فقالت: يا لهذه الصدفة الرائعة. وجلسنا معا في مقعدين متجاورين، ولم نشعر ببقية الركاب من حوالينا.

فامتقع لون وجه زوجتي رغم أنها ما زالت متمسكة بهدوئها المصطنع، وقالت: أكيد تبادلت معها الكلام؟ قلت لها: طبعا، فهي سيدة مثقفة جدا، ودمها خفيف جدا.

عندها تناولت زوجتي علبة خزفية كانت على الطاولة، وأخذت تفتحها ثم تقفلها بشكل متكرر إلى أن سقطت من يدها وتحطمت، ولم تأبه لهذا رغم أنها في العادة لو سقط مجرد دبوس على الأرض تعتبره كارثة.

زفرت زفرة طويلة وقالت وهي تستعجلني: هاه وبعدين؟!

قلت لها: أبدا نزلنا من المترو في المحطة، وأشارت بيدها إلى الفندق غير البعيد الذي تسكن فيه قائلة: هل ممكن أن تأتي معي وتوصلني إلى هناك؟! أجبتها شاكرا: إن هذا هو منى عيني.

فارتفعت نبرة صوت زوجتي التي ظهر عليها الغضب قائلة: يا سلام، هذا هو اللي ناقص!!

قلت لها غير آبه بانفعالها: بما أن مدخل الفندق لا بد من الصعود له بسلالم، فقد أخذت بيدها وطوقت خصرها وصعدنا معا، ودخلنا إلى بهو الفندق، ومنه إلى المصعد، ومنه إلى الطابق الرابع، ومنه إلى غرفة النوم التي فتحتها هي شاكرة لي حسن صنيعي وتكبدي معها لذلك المشوار.

عندها أخذت زوجتي تكيل الشتائم لكل نساء العالم، غير مصدقة أنني وقفت عند باب غرفة النوم ولم أدخل، ومن حسن حظي أنها سألتني عن عمرها، وعندها قلت إنها في الثمانين من عمرها.

بعدها يا سبحان الله (فشت)، وانقلبت دفعة واحدة من نمرة إلى أرنب، وقالت لي: صحيح انك ما عندك دم ولا ذوق، لماذا لم تعزمها عندنا، لأنني أتمنى أن أتعرف عليها، خصوصا أنك تقول عنها إنها مثقفة ودمها خفيف؟!

[email protected]