لبنان.. وجها لوجه مع وجوه الأزمة!

TT

وصلت طائرتنا لمطار بيروت قبل طائرة خادم الحرمين الشريفين، وعلى أثرها انتقلنا فوراً لقصر بعبدا، وما أن دخلنا إلى القاعة المخصصة بالقصر لاستقبال الضيوف، حتى كنا وجهاً لوجه مع وجوه الأزمة السياسية اللبنانية. حضر الجميع في القاعة انتظاراً لوصول خادم الحرمين والرئيس السوري، ومضيفهما الرئيس اللبناني، باستثناء سمير جعجع وحسن نصر الله وأمين الجميل؛ حيث تم الاكتفاء بدعوة أعضاء البرلمان اللبناني، ورؤساء الوزراء السابقين، مما أثار جدالا كبيرا في لبنان.

هي زيارتي الأولى للبنان منذ اغتيال الراحل رفيق الحريري. وكذلك هي المرة الأولى التي ألتقي فيها بعضاً من الوجوه السياسية اللبنانية، وإن كانت العلاقة مع بعضهم محصورة عبر الهاتف، وبالطبع كان اللقاء فرصة أيضاً لرؤية أناس أكن لهم تقديراً واحتراماً كبيرين في لبنان، وبالطبع كانت هناك لقاءات ومصافحات مع أطراف يعتبر التباين السياسي معهم كبيراً، وبعضهم من حزب الله.

وكم كنت أتمنى لو كانت هناك كاميرا ترصد على الهواء اللقاءات الجانبية وما قيل فيها، وكيف أن كثيراً من الساسة اللبنانيين يلتقون ويتمازحون، ويضرب بعضهم بعضاً من تحت الحزام، بكل سهولة، بل وأريحية. فما إن تصافح الأول، ويبادر إلى تعريفك بسياسي لبناني آخر، حتى تجد أن كليهما قد قالا في بعضهما ما قاله مالك في الخمر، ولو كانا من فريق واحد، أو محسوبين على تيار واحد! هناك تسمع شخصية لبنانية معروفة جداً، يقول للسفير الإيراني، وهذا ما سمعته بأذني، «شفت (فلان)؟ كيف رضاك عليه؟»، وحينها نظر إلى أحد الساسة اللبنانيين ضاحكاً وهو يقول «يبدو لك فترة ما زرت لبنان!». وليت كل ما يعلم ويسمع، يقال. لكن للمجالس أماناتها، وللظروف أحكامها.

في القاعة قلت لأحد الأصدقاء تخيل لو أغلقت القاعة على من فيها من الساسة اللبنانيين، وتم نقلهم جميعاً في طائرة إلى مكان بعيد من العالم، فكم سيرتاح لبنان واللبنانيون؟ فرد علي دون أن يكترث، أو حتى يضع عينه في عيني قائلا: «سيخرج مثلهم بعد شهر»، وهمّ مصافحا خصماً له بابتسامة عريضة، ويدين مفتوحتين عانقه بهما!

ملخص ما سمعت ولمست، من الجميع، وبمختلف أطيافهم ورؤاهم، أن خطراً كبيراً يحدق بلبنان، وأن القادم قد يكون أسوأ مما مضى. فحتى أشد المتفائلين من الساسة كان يبدو عليهم القلق من قادم الأيام. كيف لا، وها هو مسؤول منطقة الجنوب في حزب الله نبيل قاووق يقول: «إن المقاومة تعتبر أن أي اتهام لقادتها وكوادرها هو أحد أشكال العدوان عليها، وهو أشد خطورة من قرار 5 مايو (أيار) 2008، وهي ملتزمة بالدفاع عن إنجازاتها وكرامة مقاوميها إلى آخر حد وحتى النهاية». والمقصود في تصريح قاووق طبعاً هو تذكير اللبنانيين بأنهم سيواجهون نفس مصير انقلاب حزب الله المسلح في بيروت في السابع من مايو 2008، وهذا أمر متوقع بالطبع في حال صدر القرار الظني متهماً حزب الله باغتيال رفيق الحريري.

ودعنا بيروت ولسان الحال يقول: أعان الله لبنان وأهله، فليلهم طويل جداً!

[email protected]