نصر الله فوق الشجرة!

TT

أول من أمس كان يوما لبنانيا حافلا، ابتدأ بمعركة «الشجرة» جنوب لبنان بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي، وسقوط قتلى وجرحى من الطرفين، وانتهى بخطاب لزعيم حزب الله احتوى على كثير من الرسائل، الداخلية والخارجية، فما هي أهم مدلولات ما حدث ذلك اليوم؟

في البدء، وأياً كانت الأسباب، فإن القراءة الأولى لذلك اليوم - سواء خطاب حسن نصر الله، وقبلها حادثة «الشجرة» بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي - تقول إن الجيش اللبناني ارتفع درجة أمام حزب الله، أو إن الحزب تأخر درجة أمام الجيش، أو صفها كما شئت. وذلك ما ظهر جلياً في خطاب نصر الله الذي أطال وهو يبرر عدم تدخل الحزب لمساعدة الجيش اللبناني، وتوعد بأن المقاومة ستقطع يد إسرائيل، لكن «في المرة المقبلة»!

الأمر الآخر في خطاب نصر الله هو حديثه عن المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الراحل رفيق الحريري؛ فرغم ترحيب نصر الله بالقمة الثلاثية السعودية - السورية - اللبنانية، فإن حديثه كان واضحاً، وهو أن الحزب سينتظر ما إذا كان التقارب العربي - العربي سيؤدي إلى تعطيل المحكمة، وإلا سيكون هناك أمر آخر، إذ قال نصر الله: «علينا جميعاً أن نتعاون ونهدئ الأمور ريثما نتبيّن نتائج هذه الجهود، ويبنى على الشيء مقتضاه». أي أنه سيهدئ إلى حين، وهذا تهديد واضح، وليس رغبة في التعاون والتهدئة!

وما يؤكد ذلك أن حديث نصر الله عن التهدئة جاء مصاحباً لاتهامه إسرائيل بالوقوف خلف اغتيال رفيق الحريري. وفي هذا الإعلان يبدو من الواضح أن نصر الله يتحدث عن التهدئة، لكنه يريد حشر خصومه السياسيين في لبنان، ويجهز الأرضية الشعبية، وبطريقة ديماغوجية، للمرحلة المقبلة، أي مرحلة فشل الجهود في تعطيل سير المحكمة الدولية. فاتهام نصر الله لإسرائيل يراد منه حشر اللبنانيين، وبالتالي العرب؛ ففي حال أصدرت المحكمة الدولية قرارها الظني باتهام حزب الله، عندها سيبدو كل من يطالب بالعدالة والتعاون مع المحكمة، وكأنه يدافع عن إسرائيل. وما يؤكد ذلك قول نصر الله: «ومفترض أن ما قلته وما سأقوله في الموضوع الإسرائيلي لا يزعج أحداً، إلا إذا أراد أن يخرج ويدافع عن إسرائيل، هذا بحث آخر وهذا شأنه». خطة واضحة للتشويه والترهيب.

اللافت أن نصر الله يقول إنه سيقدم الأسبوع المقبل دليلا على تورط إسرائيل في اغتيال الحريري. لكن السؤال هنا هو: لماذا انتظر نصر الله واحتفظ بهذا الدليل طوال هذا الوقت، ولم يظهره حين كانت أصابع الاتهام متجهة نحو سورية؟ أولم يكن من الأجدر فضح الإسرائيليين؟

وعليه، فإن معركة «الشجرة»، وخطاب نصر الله، يشيان بأن شيئاً ما يغلي في لبنان، وإن لم يصل لمرحلة الانفجار، لكن الدخنة المنبعثة تقول إن درجة توتر حزب الله عالية، وإن نصر الله قلق من الجميع في لبنان، خصوصاً أنه بدأ يكثر من استخدام عبارة «قال لي أحدهم»، حتى من أصدقائه وحلفائه، مبرراً ذلك بسخرية حين قال: «يا أخي محشورين»! ويبدو أن الأمر فعلا كذلك.

[email protected]