دماء في روما.. وغرام وعشق في مصر!

TT

في روما يتم اغتيال «يوليوس قيصر» على أيدي أكثر من سيناتور من المتآمرين، بدعوة أن «يوليوس قيصر» قد حول النظام الشعبي إلى النظام السلطوي، وتحول إلى حاكم متسلط يجمع خيوط الحكم في يديه، وقد قلص من سلطات مجلس السناتو (مجلس الشيوخ).

وإلى مصر، جاء «مارك أنطوني» بعد صراع مع «أوكتافيوس» الطموح.. ويجد «أنطوني» في مصر الحياة الهانئة، بعد أن منحته الملكة الجميلة «كليوباترا» قلبها وعقلها.. ويقضيان أجمل شهر عسل على ظهر مركب ملكي أبحر بالعاشقين على صفحة النهر الخالد، بين مدن مصر القديمة، وقد زارا معا آثار الفراعنة التي حافظت الأسرة البطلمية عليها، وأرضوا كهنة المعابد، لكي يواصلوا خدمتهم الدينية، يحرقون البخور ويعطرون تماثيل الآلهة.

عاد «مارك أنطوني» و«كليوباترا» إلى القصر الملكي في الإسكندرية، ووجد «أنطوني» الفرصة أمامه سانحة، لكي «يذل» روما كلها، ويهدد أركانها، وذلك بمنع وصول القمح المصري إليها.. تصوروا، مصر كانت سلة غذاء روما! حتى كادت تحدث مجاعة في عاصمة الإمبراطورية الرومانية، وصار اسم «مارك أنطوني» على رأس قائمة أعداء روما المطلوبين أحياء أو أمواتا. كان «أنطوني» يرى أن روما لا تستحق العيش، بعد أن اغتالت أعظم قوادها «يوليوس قيصر»، وبعد قيام «أوكتافيوس» بطرده منها والتضييق عليه، بينما كانت «كليوباترا» أكثر ذكاء منه، وكانت تعرف تماما عاقبة تهديد روما بمنع القمح عنها.. وبالفعل تحركت سفن الأسطول الحربي الروماني بقيادة «أوكتافيوس» ووجهتها الإسكندرية للقضاء على «مارك أنطوني» و«كليوباترا». وكان ما نعرفه من باقي أحداث القصة.. حتى نصل إلى لحظة انتحار «كليوباترا»، وهنا يتوقف النص التاريخي ولا يذكر لنا أي شيء عن جنازة الملكة، أو إعداد موميائها أو مقبرتها!

والمعروف أن «كليوباترا» كانت تقطن في الحي الملكي بالإسكندرية في قصر عظيم، قامت بتشييد معبد صغير إلى جواره، وتذكر المراجع التاريخية أن «كليوباترا» شيدت لنفسها مقبرة تليق بها كملكة عظيمة.. إلا أنه ليس هناك دليل واحد على أن الملكة قد دفنت في هذه المقبرة، التي أصبحت هي والقصر الملكي، بل والحي الملكي كله، جزءا من مياه البحر الأبيض المتوسط بكل أسف!

ومنذ شهور قليلة، قمت مع فريق من الغواصين بإدارة الآثار الغارقة، وبالتعاون مع البعثة اليونانية باستخراج أحد جانبي صرح المعبد الذي شيدته الملكة «كليوباترا»، وهو من كتلة واحدة من الغرانيت، الأمر الذي يثبت أننا نملك خريطة مفصلة لشكل مدينة الإسكندرية قديما، والأجزاء الغارقة منها أسفل مياه البحر المتوسط.. وعلى الرغم من هذا كله، فإنني لا أعتقد أن الملكة الجميلة قد دفنت في المقبرة التي شيدتها لنفسها بجوار قصرها، والأمر المثير فعلا، أنه لا توجد مقبرة ملكية واحدة قد اكتشفت لأي ملك من ملوك البطالمة، إلى جانب مقبرة «الإسكندر الأكبر» التي تحولت مع الأيام إلى لغز كبير.

إن الكشف عن مقبرة الملكة «كليوباترا» سيظل أمل كل باحث يبحث في تاريخ الأسرة البطلمية، وأعتقد أننا قد بدأنا بالفعل في مشروع جاد لحل لغز مقبرة «كليوباترا».. وضعنا أمامنا كل الاحتمالات الممكنة لمكان وجود هذه المقبرة، وبدأنا في العمل.. وتستمر قصة البحث عن «كليوباترا».. التي تنادينا من بعيد!