ضرورة دعم حلفائنا الأفغان

TT

أعلن متحدث باسم حركة طالبان يوم الخميس الماضي أن الحركة تعكف على دراسة عشرات الآلاف من الوثائق العسكرية السرية التي نشرها موقع «ويكيليكس» الأسبوع الماضي بحثا عن أسماء الأفغان الموالين لأميركا. وكما حدث في الماضي، فإن الأشخاص الذين ستحدد هويتهم ستتم إضافتهم إلى قوائم الأفراد الذين سيتم اغتيالهم أو الهجوم عليهم بمجرد أن ترحل الولايات المتحدة وحلفاءها. وهذا ما نشهده في الوقت الحالي داخل العراق، في الوقت الذي تستعد فيه القوات الأميركية للانسحاب، حيث يشن المتمردون حملة لقتل أعضاء في حركة الصحوة وغيرهم ممن تعاونوا مع الولايات المتحدة.

وعلى ضوء بقاء عام واحد فقط على المواعيد النهائية لرحيل الولايات المتحدة من أفغانستان نحتاج إلى التخطيط لما سيحدث لحلفائنا بمجرد أن نرحل. ويجب علينا بالتأكيد ألا نسمح بتكرار ما حدث داخل الهند الصينية عام 1975 بعد انسحاب قواتنا العسكرية ومؤسساتنا الدبلوماسية ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). ولأنه لا يوجد نص فعلي داخل الولايات المتحدة يتناول أمن أصدقائها والمتعاونين معها، تعرض ملايين من المتهمين بأنهم متعاطفون مع أميركا للقتل أو السجن، أو اضطروا للهرب بعد تولي الفيتناميين الشماليين مقاليد الأمور داخل فيتنام الجنوبية، والخمير الحمر داخل كمبوديا، وباثيت لاو داخل لاوس.

وداخل فيتنام الجنوبية، لم يتم إخلاء سوى عدد صغير من المتعاونين من خلال مروحيات البحرية إلى سفن قبالة الساحل. وبعد أسابيع، وعندما كان الفيتناميون الشماليون يحكمون سيطرتهم على الشمال، دشن لو دوان، الخليفة الماركسي المتشدد بعد هوشي منه، عملية تطهير للحلفاء الأميركيين وأرسل ما يصل إلى 400.000 شخص إلى مراكز الاعتقال.

وهرب أكثر من مليون آخرين على متن قوارب على مدار الأعوام الخمسة عشر التالية. والتقطت الولايات المتحدة البعض في البحر وأعيد توطينهم هنا. لكن، لم يدرس صناع السياسيات الأميركيون في يوم من الأيام بجد مصير الفيتناميين الجنوبيين الحلفاء.

وكانت الظروف أسوأ داخل كمبوديا. وأمر بول بوت، قائد الإبادة الجماعية في الخمير الحمر، بعمليات إعدام فورية للجنود الكمبوديين والمسؤولين الذين خدموا في حكومة لون نول التي دعمتها الولايات المتحدة. وخلال الأعوام الأربعة التالية كانت الولايات المتحدة في موقف المتفرج، بينما كان يموت ما يقدر بـ1.7 مليون كمبودي في عمليات إعدام وبسبب الجوع والمعاملة عندما قام بول بوت بشبه تطهير للبلاد من «النفوذ الأجنبي».

وداخل لاوس، تركت الولايات المتحدة معظم حلفائها المخلصين، شعب تل همونغ، الذين استعملتهم وكالة الاستخبارات المركزية ليقاتلوا باثيت لاو الشيوعي، وأربكوا التدفق العسكري الفيتنامي الشمالي على امتداد خط هوشي منه، الذي امتد عبر لاوس في طريقه إلى فيتنام الجنوبية. صحيح أنه في الفترة من 2000 إلى 2005، أعطت الولايات المتحدة اللجوء السياسي إلى 15.000 من نحو 100.000 همونغي كانوا قد هربوا إلى تايلاند، لكنها لم تقم بشيء عندما قامت تايلاند بترحيل أكثر من 4000 من اللاجئين الباقين إلى لاوس الشيوعية، حيث يمكن أن يواجهوا العقاب.

ويوجد الكثير من الموازنات بين التجربة الأميركية داخل الهند الصينية واحتلال أفغانستان والعراق. وبينما كانت الولايات المتحدة تستعد إلى الانسحاب من الهند الصينية، لا سيما فيتنام، باشرت برنامج «فتنمة»، وفق تعبير الرئيس نيكسون، قامت في إطاره القوات الأميركية بتدريب جيش الحلفاء مع توفير معدات لهم كي يسيطروا على القتال.

وهذا نفس ما نقوم به داخل أفغانستان والعراق، ويجب أن يثير القلق. كانت الفتنمة تعتمد على وعد باستمرار الدعم الجوي الأميركي والمساعدات العسكرية الأخرى. لكن عندما سئم الكونغرس ضعف القيادات الحليفة واستمرت تكاليف الحرب، علقت المساعدة ليترك حلفاؤنا من دون دفاع. ويمكن أن نلاحظ توجهات مشابهة داخل الكونغرس في الوقت الحالي. ويمكن أن يكون انتقاد القيادات الحكومية داخل العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى المطالب بتخفيض الإنفاق العسكري وتسريع مواعيد الانسحاب، مؤشرا على تقليص المساعدات العسكرية والمالية بعد رحيلنا.

ويجب أن نخطط في الوقت الحالي لحماية حلفائنا في المستقبل، ويجب أن ندرس فكرة ترك قوات إضافية لضمان أمنهم. ويجب أن نرفض مناقشة تسويات سياسية مع فصائل حركة طالبان من دون ضمانات أمنية قوية لمن تعاونوا مع الولايات المتحدة. ويجب علينا البحث عن ترتيبات دولية، ربما من خلال دعم الأمم المتحدة، لضمان انتقال سياسي سلمي.

وإذا اقتضت الحاجة، يجب علينا منح اللجوء السياسي إلى أي شخص معرض للخطر بصورة مباشرة بسبب تعاونه معنا، فبعد الدخول في حروب وحشية داخل دولهم من أجل حماية مصالحنا، فهذا أقل ما ندين به لهم.

* أستاذ الصحافة المتفرغ داخل كولومبيا

والمراسل السابق لـ«نيويورك تايمز»

* خدمة «نيويورك تايمز»