إسرائيل تواصل المهزلة

TT

الاعتداء الإسرائيلي الأخير على جنوب لبنان الذي تمثل في اختراق سافر لحدوده والتعدي على وجود قوات الأمم المتحدة الموجودة أساسا لحفظ السلام هو حلقة جديدة من الإرهاب الإسرائيلي المستمر بحق أراضي العرب، ويأتي بعد يومين من الغارة المسعورة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة الفلسطيني. والشيء اللافت كان توقيت هذه العملية الإرهابية التي قام بعملها جيش إسرائيل المتعجرف، فهو يجيء بعد ساعات من انقضاء الاجتماع التاريخي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد مع الساسة اللبنانيين الذي تلته زيارة مهمة أيضا لأمير قطر لمناطق الجنوب اللبناني، وارتفاع الروح المعنوية للبنانيين وعودة الأمل في هدوء حذر لتبديد القلق والخوف من اندلاع فتنة مدمرة، ولكن إسرائيل لا صالح لها في لبنان مستقر تماما كما أنه لا صالح لها من الدخول في مباحثات «جادة وحقيقية»، مباحثات سلام قابلة للمساءلة والقياس والمتابعة.

إسرائيل دولة ولدت خارج رحم القانون الدولي، تمردت فيه على العهود والمواثيق والقرارات الدولية بكافة أشكالها، هي اليوم دولة متعجرفة بامتياز؛ فهي تمارس الفصل العنصري وتعتقل بلا محاكمة وتصنف مواطنيها في درجات، فاليهودي هو المواطن الوحيد الكامل الأهلية، وما بقي من سكانها من مسلمين ومسيحيين وبهائيين ودروز هم من الدرجات الدنيا. تعتدي وتحتل أراضي الغير من دون حساب.

إسرائيل «تفننت» وتمكنت من سياسات «تغيير الموضوع» فهي اليوم تواجه ضغوطا عالمية متزايدة تطالبها بالانصياع للسلام مع الفلسطينيين وإعادة الأراضي المحتلة ولكنها في ذات الوقت تسارع وبشكل هستيري ومحموم في زيادة الاستيطان في رقعة الأراضي المحتلة، ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو يترأس مجموعة ائتلافية هشة يصر أحد أكبر الأحزاب فيها على الانسحاب (وبالتالي التسبب في انهيار الحكومة) إذا ما وافق نتنياهو على إعادة أي من الأراضي المحتلة للفلسطينيين. هذه هي الحقيقة التي يصرح بها الإسرائيليون أنفسهم.

الواقع يقول إن إسرائيل دولة عدوانية رافضة لفكرة السلام، وتعلم أن مبدأ القبول بالدولتين كحل نهائي لصراعها مع الفلسطينيين هو بداية النهاية للفكرة الصهيونية التي قامت عليها إسرائيل وكافحت لأجل استمرارها. أسطورة إسرائيل التي روجت لها على أساس أنها الشعب المظلوم المغلوب على أمره وسط أعداء يريدون اجتثاثه من أرضه ورميه في البحر، وباعتها وبامتياز للغرب، فُضح أمرها وبان زيفها، وبات من الصعب الاستمرار في تكرارها. مسألة الاحتجاج ضد إسرائيل والاعتراض على سياستها باتت مسألة اعتيادية ولم تعد غريبة بل إن الزعماء أنفسهم لم يعد من الممكن أن يستمروا في الصمت تجاه جرائمها، وهي اليوم تضيف ذريعة جديدة لأن يشمئز العالم منها ويكرهها لأنها باتت دولة مارقة وخارج الإطار الأخلاقي والقانوني. إسرائيل هي أم المشكلة في الشرق الأوسط وأي طرح يخالف ذلك هو تمييع للحق والحقيقة.

[email protected]