بل يجب أن تبقى هناك!

TT

عندما سافر ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا إلى الهند فتح على نفسه باب جهنم. فقد طالبه الهنود بإعادة الماسة الشهيرة «كوهينور» التي تزن «105 قراريط».. ومعناها بالفارسية «جبل النور».. ودارت حولها أساطير عدة. فيقال إنهم عثروا عليها منذ خمسة آلاف سنة. ويقال إنه في القرن التاسع عشر عندما استولى الإنجليز على منطقة البنجاب عثروا على هذه الماسة هناك. وكان شكلها بشعا فصاغوها حتى أنقصوها ثمانين قيراطا، ثم أهدوها للملكة فيكتوريا.. واستقرت في تاج الملكة.

وكان رد ديفيد كاميرون: لا..

يعني لن يرد هذه الجوهرة.. لأنها سوف تكون سابقة خطيرة.. وسوف تطالب كثير من الدول بكل ما لدينا في المتحف البريطاني.. وفي لحظة واحدة يصبح خاليا من كل التحف التاريخية.

ونحن في مصر نطالب بحجر رشيد الذي عثرت عليها الحملة الفرنسية ثم لطشه الإنجليز ووضعوه في المتحف البريطاني.. وقالت لنا بريطانيا: لا..

ونطالب برأس الملكة نفرتيتي أحد أهم الآثار في المتحف الألماني.. وقالت لنا ألمانيا: لا..

وأنا أؤيد كل هذه الدول، فلولا دراسات هذه الدول وما كتبته وما صورته، ولولا الملايين الذين دعتهم للفرجة عليها في أوروبا ما جاءنا سائح واحد في مصر. بل إنني تمنيت - لو كان ممكنا - أن ينقلوا الهرم الأكبر إلى ميدان الكونكورد في باريس ليلقى احتراما أعظم وأروع مما يلقاه من الإبل التي تدور حوله والحمير..

ولولا أن العبقري الفرنسي شامبليون هو الذي فك طلاسم اللغة الهيروغليفية ما عرفنا تاريخنا.. ولظللنا ننظر إلى الأهرامات على أنها أي شيء. لكنه هو الذي دلنا على تاريخنا، وفتح لنا وعلينا أبواب الأبهة والعظمة، ومع ذلك فإن حجر رشيد استولى عليه الإنجليز ولم تطالب به فرنسا. ونحن يجب ألا نطلبه لأن إجابة هذا الطلب: مستحيل!

فلولا هذه المتاحف الرائعة - اللوفر مثلا - ما عرفت الدنيا ما هي مصر الفرعونية، وما عبقرية علمائها وقادتها ومؤرخيها وصناعها!