أوباما في المرحلة الجديدة بشأن إيران: ضغوط لا دبلوماسية

TT

قامت الإدارة الأميركية، هذا الأسبوع، بدعوة مجموعة صغيرة من الصحافيين إلى البيت الأبيض للاستماع إلى الرئيس أوباما وكبار مستشاريه حول جولة العقوبات الجديدة المفروضة على إيران. وقد وصف بعض الحاضرين الاجتماع بأنه «استثنائي». غير أني لا أعرف السبب وراء وصفهم هذا، فقد كان السبب من ورائه بالغ الوضوح: فالرئيس وفريقه كانوا يرغبون في الحصول على بعض الدعم بعد كل الشهور الصعبة من الدبلوماسية التي أدت إلى المصادقة على عقوبات الأمم المتحدة في يونيو (حزيران)، خاصة من قبل الدول المعارضة الحليفة لها مثل روسيا والصين. كان الرئيس وفريقه يرغبون في عرض مدى قوة العقوبات الجديدة، خاصة مع فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات غير مسبوقة بعد المصادقة على القرار. قال الرئيس ومستشاروه، دون الخوض في استنتاجات عبثية حول احتمالية اقتناع النظام الإيراني الآن بالتخلي عن سعيه لامتلاك القنبلة النووية، إن العقوبات الجديدة ستسبب ألما بالغا للنظام على الأقل.

ما أثار دهشة كبيرة لدى الحضور، كان رصانة الرئيس بشأن القضية، واعتزازه الواضح بجهود الدبلوماسية العالمية التي أدت إلى صدور القرار الأخير وعزمه على الضغط على النظام الإيراني بأقصى وسيلة ممكنة. كان من الواضح أن الرئيس يمتلك نظرة واقعية بشأن إيران، فعندما تحدث عن استراتيجية «الحوار» في العام الأول له في البيت الأبيض لم يكن ذلك رثاء على ما كان، أو الأمل بشأن مستقبل الرغبة الإيرانية في استغلال العرض بجدية بشأن برنامجها النووي.

بيد أن الرئيس أوباما وصفها بأنها طريقة ناجحة لعزل النظام الإيراني والضغط عليه. وعبر الكشف للعالم عن مدى عدم جدية حكام طهران بشأن المحادثات، عبر الإثبات بما لا يدعم مجالا للشك أنه إذا كان هناك مأزق في العلاقات الأميركية الإيرانية وأن المشكلة لم تكن في واشنطن، فهو بذلك قد أعد الساحة لعزلة إيران.

كما أعرب الرئيس عن اعتقاده بأن العقوبات قد بدأت بالفعل في إيلام النظام الإيراني. عدا أن الأمر الأكثر أهمية، هو أن الرئيس لم يعتبر ذلك علامة على إمكانية وجود فرصة الآن للدبلوماسية، فاستخف الرئيس ومستشاروه بالتصريحات الإيرانية الأخيرة بشأن استئناف المحادثات مع مجموعة «5 + 1» (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) بأنها لم تأت بجديد، وأنها لم تعكس رغبة حقيقية في السعي إلى إعادة تدشين المحادثات أو تقديم إشارات واضحة على ذلك. وحاد الرئيس عن مساره للتنويه بأن الإيرانيين سادة الخداع والتسويف. وقدم بعض التفاصيل حول الأسباب التي أدت إلى تعطيل الاتفاق الذي توصلت إليه تركيا والبرازيل. أكد الرئيس مرارا على أن النظام ربما يكون ملتزما «آيديولوجيا» بامتلاك القنبلة النووية التي لن يحول بينه وبين تحقيق مبتغاه أي قدر من الألم. وأوضح أن الباب لا يزال مفتوحا، بالطبع، للإيرانيين لتغيير عقليتهم، وأن تلك العقوبات لم تلغِ الدبلوماسية والحوار، وأن الإيرانيين إذا ما قرروا التصرف بمسؤولية عبر الالتزام بمطالب المجتمع الدولي فالولايات المتحدة مستعدة للترحيب بهم.

عند هذه النقطة اتخذ الاجتماع منعطفا ممتعا وغريبا. فعندما سمع بعض الصحافيين الذين حضروا الاجتماع النقطة الأخيرة للرئيس وهو يتحدث عن كون الباب لا يزال مفتوحا أمام إيران، استنتجوا أن الرئيس يلمح إلى مبادرة دبلوماسية جديدة.

بدأ الصحافيون في ملاحقة الرئيس بالأسئلة حول نوعية التحركات الدبلوماسية الجديدة التي تحدث عنها، وبعد أن غادر الرئيس واصلوا إلقاء الأسئلة على كبار المسؤولين، وهو ما وضع المسؤولين في موقف حرج. فلم يرغبوا في القول صراحة بأن الإدارة لا تسعى إلى مبادرة دبلوماسية جديدة، لأن ذلك ربما يشير إلى عدم اهتمام الإدارة بالدبلوماسية على الإطلاق. لكنهم أوضحوا تماما بأنه لا توجد مبادرة دبلوماسية جديدة في الأفق. وقال لي أحد مسؤولي الإدارة كان بادي الاندهاش مما إذا كان الهدف من وراء الاجتماع الدبلوماسية، لجلب كبار مفاوضيها إلى الاجتماع، بدلا من الحديث عن الضغط على إيران. غير أن بعض الصحافيين غادروا وهم يحملون انطباعا بأن الخبر الأبرز الذي خرجوا به من اجتماعهم مع الرئيس كان جولة محتملة جديدة من الدبلوماسية.

تركت الشعور بالتعاطف مع هذه الإدارة والإدارات السابقة، فكان من الواضح أن هذه الاجتماعات غير مجدية. كان الهدف من وراء الاجتماع رغبة الإدارة في أن يعرف الجميع مدى شدة العقوبات على إيران. وقد اندهشت على نحو خاص بملاحظات أحد المسؤولين البارزين في الإدارة والذي أشار إلى أن أحد تأثيرات الصعوبات الاقتصادية المتنامية في إيران كانت الإضرابات في الأسواق. وقد كانت مظاهرات الطلبة والمعارضة في السابق سياسية لكن هذه الاحتجاجات بشأن الاقتصاد، وإذا ما دمج الاثنان، على حد قول المسؤول، فإن ذلك سيشكل تهديدا للنظام الإيراني. وهي نقطة جديرة بالاهتمام، لكنها لم تكن كذلك بالنسبة لمن حضروا الاجتماع من الصحافيين.

* روبرت كاغان، زميل مشارك

في منحة كارنيغي للسلام العالمي

* خدمة «واشنطن بوست»