صيف «الخطوط» الأكثر سخونة

TT

يبدو أن صيف الخطوط السعودية هذا العام أكثر سخونة، فلم تشهد الخطوط عبر تاريخها نقدا مكثفا لخدماتها بالقدر الذي شهدته هذا الصيف، فتأخر الكثير من الرحلات عن مواعيدها، وإلغاء بعض الحجوزات، أسهما في تذمر الكثيرين، وفي مواجهة الانتقادات لجأت الخطوط إلى الصمت حينا، وإلى الإيضاحات غير المقنعة حينا آخر، الأمر الذي أدى إلى استمرار الحملة، واستمرار حالة الارتباك التي تعيشها الخطوط، ولست أدري إن كان من جملة أسباب هذه الحالة استغناء الخطوط عن الكثير من كوادرها الفاعلة خلال السنوات القليلة الماضية، أم أن هذا الوضع نشأ بسبب انصراف القيادة نحو عملية الخصخصة على حساب الجوانب التشغيلية، أم أن ثمة عاملا أو عوامل داخلية مجهولة بالنسبة لي ولغيري من المتابعين لأحوال الخطوط السعودية.

ولو تأملنا تاريخ الخطوط السعودية نجد أن عصرها الذهبي، يوم كانت قيادتها تنبع من بين كوادرها «الكابتن أحمد مطر مثالا»، فالقيادة حينما تأتي من خارج المؤسسة، فإنها تتطلب وقتا أطول للتعرف على هذه الصناعة وأسرارها وكوادرها وسبل إدارتها، والوقت بالنسبة لأي شركة طيران في منتهى الأهمية، فكل شيء يتصل بهذا الحقل يتسم بالسرعة والركض وحدة المنافسة.

والخطوط السعودية تاريخيا هي من المؤسسات الرائدة التي لعبت دورا تنويريا في المجتمع من خلال برامجها التدريبية، وأساليبها الإدارية التي كانت تسبق غيرها، وما زلت أذكر كيف استطاعت الخطوط أن تحول بعض زملائنا العاديين أيام الدراسة لتصنع منهم عبر التدريب المنهجي كوادر قيادية متخصصة على نحو مميز، تلك الصورة المثالية للخطوط، هي ما تجعلها في كل الأوقات محط اهتمام الجميع، وإلى هذه الصورة المثالية التي يود الجميع استعادتها يمكن تفسير بعض الانتقادات التي توجه إلى الخطوط اليوم، فثمة حالة ارتباط بين المواطن السعودي وخطوطه الوطنية، وقد عمقت سنوات التميز هذا الارتباط، حتى تجذر في داخل الجميع، ليغدو الفرد أكثر حساسية تجاه أي قصور يطرأ على خدمات هذه المؤسسة، وهذا ما يدعوني لأن أطالب الخطوط السعودية بأن يتسع صدرها لكل هذا النقد، الذي يأتي من بوابة المحبة لهذا الكيان التاريخي، وإن كنت أتمنى أن تكون الخطوط أول من يتبنى أسلوب النقد الذاتي، لعلها تصل إلى مكمن الخلل، فهل تراها تفعل؟