... وما زلت أحلم بكليوباترا!

TT

ما زلت أحلم بكليوباترا.. تلك الملكة المصرية البطلمية الأصل.. أحلم بالعثور على مقبرتها.. أحلم بلقاء يجمعني بها عندما أعثر عليها إذا شاءت لي الأقدار أن أكون يوما ما مكتشفها.

ولن ينتهي الحديث عن هذه الملكة العظيمة لأسباب كثيرة لعل أهمها هو أن مقبرتها لم تكتشف حتى الآن على الرغم من شهرتها الواسعة.. حتى إن كتب المؤرخين الرومان حملت إلينا قصصا وتفاصيل دقيقة عن حياة وصفات كليوباترا، كان من المفروض أن تزيل أي غموض يحيط بشخصيتها وعصرها، لكن على العكس من ذلك زادت هذه الكتابات من سحر وغموض كليوباترا، فحتى معاصروها اختلفوا في تحليل شخصيتها منهم من لعنها، وكثير منهم مثلي أنا.. وقع في سحرها وغرامها!

ليست المشكلة هنا فقط قبر كليوباترا، ولكن دعنا نسأل أنفسنا: أين هو قبر الإسكندر؟ بل وأين هي قبور أربعة عشر ملكا حمل كل منهم اسم بطلميوس؟ لا يزال السر أبعد من أن يكتشف في القريب العاجل.

تعالوا نذهب معا إلى فصل النهاية في حياة كليوباترا وهي موقعة أكتيوم البحرية، تلك المعركة الشهيرة التي دارت رحاها بين العاشق أنطوني تسانده كليوباترا والحاقد أوكتافيوس ومعه الشعب الروماني.. وقد أطلق أوكتافيوس لقب الخائن على أنطوني لرفعه سيفه ضد وطنه روما من أجل ملكة مصرية، وكان جيش أوكتافيوس يضم 25 سفينة و8 آلاف من المشاة و15 ألفا من الفرسان. أما أنطوني فكان معه 7 آلاف من المشاة و12 ألفا من الفرسان.. كانت البداية انتصار أوكتافيوس بحريا.. واستمرت المعارك بينهما حتى فر أنطوني منسحبا إلى الإسكندرية في 12 أكتوبر (تشرين الأول) عام 31 ق.م. وأقام أوكتافيوس احتفالا بالنصر، وكان ضوء نيران الاحتفالات يظهر للسكندريين عبر البحر الأبيض.

وتقابلت كليوباترا مع مارك أنطوني على ظهر سفينة، وكل منهما مشغول بهمومه بعد الهزيمة الساحقة. كانت كليوباترا تعرف أن أول طلبات أوكتافيوس هو أن يأخذها أسيرة ذليلة إلى روما ليظهر البطولة أمام الشعب الروماني وهو يجر وراءه أعظم ملكة في العالم، التي غزت روما عن طريق غزو قلبي قيصر ومارك أنطوني.

اعتقد المؤرخون أن سبب الهزيمة يرجع إلى الدعاية السياسية الكبيرة التي أطلقها أوكتافيوس ضد مارك أنطوني، وكذلك تدخل كليوباترا في أمور المعركة.. وعلى أي حال كان انسحاب أنطوني إلى الإسكندرية للحاق بكليوباترا التي أعقبها تكوين جماعة من المحاربين أطلقوا على أنفسهم «جماعة إخوان الموت» وأقسموا أن يموتوا معا أو يعيشوا معا!

وعندما علمت كليوباترا أن أوكتافيوس سوف يحضر إلى الإسكندرية بدأت تفكر في إمكانية أن تغزو قلبه هو مثل يوليوس قيصر وأنطوني، وأعتقد أنها حاولت، وربما أظهرت له رغبتها في التخلص من أنطوني، ويستحيل أن نعرف ما كانت تفكر فيه الملكة بالضبط، لكن المؤكد أن كنوز كليوباترا وأخذها أسيرة إلى روما كانت الفكرة المسيطرة على عقل أوكتافيوس.

ولقد سمعنا وقرأنا عن المؤرخين أن كليوباترا جمعت الذهب وما هو نفيس ووضعته بمقبرتها الملحقة بالقصر وملأت المكان بمادة مشتعلة بعد أن قررت أن تحرق هذه الكنوز وتحيل بينها وبين أوكتافيوس.. وقد أرسلت كليوباترا رسالة إلى أنطوني تشير فيها إلى أنها انتحرت، ولم يجد أمامه هو الآخر غير أن يقتل نفسه بسيفه بعد أن أعطاه لخادمه لكي يقتله كقائد عظيم، ولا يقال مات منتحرا.

ويسدل ستار الفصل الأخير من حياة كليوباترا، ويبدأ الفصل الأول في رحلة البحث عن مقبرتها!