فيما قاله نصر الله

TT

ثمة من رأى نجاحا في المؤتمر الصحافي الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

مقياس النجاح هنا ليس في إثبات تهم أو نفيها، ولكن في التهيئة لذلك.

وكي لا يلتبس المعنى المقصود فلنحدد أن المؤتمر نجح قبل انعقاده ولم يعل منسوب النجاح بعده. فتلك التعبئة الإعلامية استبق بها كلام الأمين العام لحزب الله وتنوعت عبر أكثر من وسيلة إعلامية حليفة وتابعة لحزب الله، وتلك التسريبات حول صور وتحقيقات واعترافات أتت جميعها تحت شعار جاذب لكثيرين: إسرائيل هي القاتل، إسرائيل هي من اغتال الرئيس رفيق الحريري. عشنا على مدى أيام وأسابيع على وقع حملة إعلامية ودعائية جعلت الجميع تقريبا يشعر بأنه يجب أن يسمع ما سيقوله نصر الله، وأن مصيره مرتبط عضويا بما سيقوله الرجل، وذلك هو تماما ما نجح في بثه.

استبق الكلام بلقاءات صحافية عدة قدمت بصفتها حلقات «مشوقة» مع وعود بكشف المزيد في الموعد التالي، والحديث عن أن «ما قبل 8 أغسطس/ آب ليس كما بعده» كما قالت قناة «المنار». أن تخلو شوارع بيروت لحظة انعقاد المؤتمر وأن يفرد الإعلام تغطية خاصة له هو نجاح للحدث ولصاحبه في الاستحواذ على الاهتمام والدفع نحو الشعور بأن مصير بلد بأكمله متوقف على الكلام الذي سيطلق.

لكن لنحلل بعض الشيء فيما شاهدنا وسمعنا..

ما قاله السيد نصر الله وما وصفه بأنه «قرائن وليس أدلة قطعية» هو تماما ما سبق أن نشرته الصحف ووسائل الإعلام القريبة من حزب الله. أتى المؤتمر الصحافي وأعاد تدوير ما سبق أن سربه الحزب نفسه إلى الإعلام، أو بالأحرى إلى «إعلامه»، فعاد السيد نصر الله واستخدم معظمه ليقول رؤيته وتحليله في قضية اغتيال الحريري.

المؤتمر الذي شهد استعراضا استخدمت فيه وسائل سمعية وبصرية غير مألوفة في مؤتمرات سابقة لنصر الله، اعتمد بالدرجة الأولى على مقدرات وخبرات صحافية وليست قضائية أو تحقيقية. بذل صحافيو قناة «المنار» جهدا لتظهير صور طيران الاستطلاع وطباعة مقاطع اعترافات العملاء المدموغين بعلم إسرائيل في أعلى صورهم.

تحدثت الصحف التي صدرت بعد حديث السيد نصر الله عن مشاركة أكثر من مائة وخمسين شابا وشابة من حزب الله في التنقيب في أرشيف ووثائق لاختيار مواد محددة وتقديمها عبر المؤتمر الصحافي.

ليس المهم هنا نفي صدقية أو تأكيد ما ورد في المؤتمر الصحافي، فذلك أمر منوط بالمحكمة الدولية التي لا نعرف حتى الآن حقيقة ما ستقوله أو متى ستعلن ما في جعبتها. لكن يبدو أننا غرقنا في إيقاعات الخطب وتردداتها وسنبقى نتعثر في التسريبات الصحافية التي باتت هي عصب يومياتنا. نصر الله ختم كلامه بقوله إنه يقدم قرائن ومعطيات لتفتح آفاقا جديدة، لكن يبدو أن هذه الآفاق هي آفاق تسريبات وخطب وإعلام وليست أدلة قطعية وتحقيقات واعترافات.

diana@ asharqalawsat.com